الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6770 [ ص: 569 ] 39 - باب: هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلا وحده للنظر في الأمور ؟

                                                                                                                                                                                                                              7193 ، 7194 - حدثنا آدم ، حدثنا ابن أبي ذئب ، حدثنا الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني قالا : جاء أعرابي فقال : يا رسول الله ، اقض بيننا بكتاب الله . فقام خصمه فقال : صدق ، فاقض بيننا بكتاب الله . فقال الأعرابي : إن ابني كان عسيفا على هذا ، فزنى بامرأته ، فقالوا لي : على ابنك الرجم . ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة ، ثم سألت أهل العلم فقالوا : إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لأقضين بينكما بكتاب الله ، أما الوليدة والغنم فرد عليك ، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ، وأما أنت يا أنيس -لرجل - فاغد على امرأة هذا فارجمها" . فغدا عليها أنيس فرجمها . [انظر : 2315 ، 2314 - مسلم : 1697 ، 1698 - فتح: 13 \ 185 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : "واغد يا أنيس " . الحديث ، وقد سلف وهو مطابق لما ترجم له من بعث الحاكم رجلا واحدا ينفذ حكمه ، قاله المهلب ، وفيه حجة لمالك في قوله : أنه يجوز أن ينفذ واحدا إلى إعذار من شهد عليه بحق ، وأنه يجوز أن يتخذ رجلا ثقة يكشف له عن حال الشهود في السر ، وكذلك يجوز عندهم خبر الواحد فيما طريقه الإخبار ولم يكن طريقه الشهادة .

                                                                                                                                                                                                                              وقد استدل به قوم في أن الإمام إذا بعث رجلا ينفذ حكمه أنه ينفذ من غير إعذار إلى المحكوم عليه ؛ لأنه لم ينقل في الحديث أن أنيسا أعذر إلى المرأة المدعى عليها الزنا ، وليس بشيء ؛ لأن الأعذار إنما [ ص: 570 ] يصح فيما كان من الحكم بالبينات فلابد في ذلك من الإعذار إلى المحكوم عليه وما كان الحكم فيه من جهة الإقرار فللرسول أن ينفذه بإقرار المقر ولا إعذار فيه .

                                                                                                                                                                                                                              وإنما اختلف العلماء : هل يحتاج وكيل الحاكم إلى أن يحضر من يسمع ذلك من المقر أم لا ؟ على حسب اختلافهم في الحكم ، هل يحتاج إلى مثل ذلك أم لا ؟ وأصل الإعذار في قوله تعالى : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام [هود : 65 ] وقوله : موعدهم الصبح

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              وفيه حجة لمن قال : إن القاضي يجوز أن يحكم على الرجل بإقراره دون بينة تشهد عنده بذلك الإقرار ، وهو قول ابن أبي ليلى ، وأبي حنيفة ، وأبي يوسف ، وقال مالك : لا يقضي على الرجل بإقراره حتى تشهد عنده بينة بذلك ، وهو قول محمد بن الحسن ، واحتج الطحاوي بقوله : "واغد يا أنيس على أمرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها " ولم يقل : فأشهد عليها حتى يكون حجة لك بعد موتها ، قال : وقد قتل معاذ وأبو موسى مرتدا وهما واليان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليمن ولم يشهدا عليه .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              واختلفوا إذا قال القاضي : قد حكمت على هذا الرجل بالرجم فارجمه ، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف : إذا قال ذلك وسعك أن ترجمه ، وكذلك سائر الحدود والحقوق ، وقال ابن القاسم : على مذهب مالك إن كان القاضي عدلا وسع المأمور أن يفعل ما قاله [ ص: 571 ] القاضي ، وهو قول الشافعي .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن القاسم : إن لم يكن عدلا لم يقبل قوله ، وقال محمد بن الحسن : لا يجوز للقاضي أن يقول : أقر عندي فلان بكذا -لشيء يقضى به عليه من قتل أو مال أو عتاق أو طلاق - حتى يشهد معه على ذلك رجلان أو رجل عدل ليس يكون هذا لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وينبغي أن يكون في مجلس القاضي أبدا رجلان عدلان يسمعان من يقر يشهدان على ذلك فينفذ الحكم بشهادتهما وشهادة من حضر .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              فيه من الفوائد : نقض الصلح إذا خالف كتاب الله أو سنة أو إجماعا .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : تغريب الحر البكر بعد الجلد . وفيه : التوكيل على إقامة الحدود . وفيه أن من أقر على نفسه بالزنا مرة واحدة كفى ، وفيه أن الحدود لله تعالى لا يجوز أخذ العوض عنها وتركها ، وفيه أن حد القذف لا يقيمه الإمام ما لم يقم به المقذوف .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : "لأقضين بينكما بكتاب الله " ثم قضى بالرجم ، وليس هو في كتاب الله ، فمعناه : والله أعلم : بحكم الله ، قال تعالى : كتاب الله عليكم ، أي : حكم الله عليكم فرضه .

                                                                                                                                                                                                                              و (العسيف ) : الأجير .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (فزنى بامرأته ) وهذا قذف ، ولم يحده - عليه السلام - ، وسقط حد القذف ؛ للاعتراف منها بذلك .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 572 ] فصل :

                                                                                                                                                                                                                              لم يختلف العلماء أن حد البكر الجلد دون الرجم وحد الثيب الرجم .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              اختلف عند المالكية في حد من شارف البلوغ ولم يبلغ ، وفي حد النصراني ومن أصاب صغيرة لا تطيق الرجل أو ميتة أو بهيمة أو مكرها أو جاهلا تحريم ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              قال مالك : يغرب المجلود من مصر إلى الحجاز ، ومن المدينة إلى فدك وخيبر ، وقال ابن القاسم : من مصر إلى أسوان ودونها ، ويكتب إلى والي الموضع الذي يغرب إليه أن يسجنه سنة عنده ، قال ابن حبيب : ويؤرخ يوم سجنه .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية