الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6808 7235 - حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا هشام بن يوسف ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي عبيد -اسمه سعد بن عبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر - عن أبي هريرة - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يتمنى أحدكم الموت ، إما محسنا فلعله يزداد ، وإما مسيئا فلعله يستعتب " . [انظر : 390 - فتح: 13 \ 220 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث النضر بن أنس قال : قال أنس بن مالك : لولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "لا تتمنوا الموت " . لتمنيت .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث قيس قال : أتينا خباب بن الأرت نعوده وقد اكتوى سبعا ، فقال : لولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا يتمنى أحدكم الموت ، إما محسنا فلعله يزداد ، وإما مسيئا فلعله يستعتب " .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 630 ] الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              قال المهلب : بين الله في هذه الآية ما لا يجوز تمنيه ، وذلك [ما كان ] من عرض الدنيا وأشباهه .

                                                                                                                                                                                                                              قال الطبري : وقيل : إن هذه الآية نزلت في نساء تمنين منازل الرجال ، وأن يكون لهن ما لهم ، فنهى الله سبحانه عن الأماني الباطلة إذا كانت الأماني الباطلة تورث أهلها الحسد والبغي بغير الحق . وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية : لا يتمنى الرجل يقول : ليت لي مال فلان وأهله ، فنهاهم الله تعالى عن ذلك ، وأمر عباده أن يسألوه من فضله .

                                                                                                                                                                                                                              وسئل الحسن البصري : هل للرجل يرى الدار فتعجبه والدابة تعجبه فيقول : ليت لي هذه الدار ليت لي هذه الدابة ؟ فقال الحسن : لا يصلح هذا . قيل له : فيقول ليت لي مثل هذه الدار ؟ فقال : ولا هذا . قيل له : إنا كنا لا نرى بأسا بقوله : ليت لي مثل هذا . فقال الحسن : ألا ترى قوله تعالى : الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له [العنكبوت : 62 ] أتدري ما يقدر له ؟ ينظر إن كان خيرا أن يبسطه له بسطه ، وإن كان شرا أن يمسكه عنه [أمسكه ] . فتنطلق إلى شيء ينظر الله فيه أنه خير لك ، فأمسكه عنك [فيسلك إياه ] ، فلعلك لو أعطيت ذلك كان فيه هلكة في دينك ودنياك ، ولكن إذا سألت فقل : اللهم إني أسألك من [ ص: 631 ] فضلك ، فإن أعطاك أعطاك خيارا ، وإن أمسك عنك أمسك عنك خيارا .

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى : نهيه - عليه السلام - عن تمني الموت ، فإن الله تعالى قد قدر الآجال فمتمني الموت غير راض بقضاء الله ولا مسلم لقضائه .

                                                                                                                                                                                                                              وقد بين - عليه السلام - ما للمحسن والمسيء في أن لا يتمنى الموت ، وذلك أن يزداد المحسن من الخير ورجوع المسيء عن الشر ، وذلك نظر من الله للعبد ، وإحسان منه إليه خير له من تمنيه الموت . وقد تقدم في كتاب المرضى حيث يجوز تمني الموت ، وحيث لا يجوز ، والأحاديث المتعارضة في ذلك وبيان معانيها في باب : تمني الموت .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية