الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السابع أن يكون رث الهيئة أشعث أغبر غير مستكثر من الزينة ولا مائل إلى أسباب التفاخر والتكاثر فيكتب في ديوان المتكبرين المترفهين ، ويخرج عن حزب الضعفاء ، والمساكين ، وخصوص الصالحين ، فقد أمر صلى الله عليه وسلم بالشعث والاحتفاء ونهى عن التنعم والرفاهية في حديث فضالة بن عبيد وفي الحديث إنما الحاج الشعث النفث ويقول الله تعالى انظروا إلى زوار بيتي قد جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق وقال تعالى ، ثم ليقضوا تفثهم والتفث الشعث والاغبرار وقضاؤه بالحلق وقص الشارب والأظفار .

وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد اخلولقوا واخشوشنوا أي : البسوا الخلقان واستعملوا الخشونة في الأشياء وقد قيل زين الحجيج أهل اليمن لأنهم على هيئة التواضع والضعف وسيرة السلف .

فينبغي أن يجتنب الحمرة في زيه على الخصوص والشهرة كيفما كانت على العموم فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم كان في سفر فنزل أصحابه منزلا فسرحت الإبل فنظر إلى أكسية حمر على الأقتاب ، فقال صلى الله عليه وسلم : أرى هذه الحمرة قد غلبت عليكم قالوا : فقمنا إليها ونزعناها عن ظهورها حتى شرد بعض الإبل .

التالي السابق


(السابع أن يكون) الحاج (رث الهيئة) في لبسه (أشعث) الشعر (أغبر) بحيث لا يؤبه به (غير مستكثر من الزينة) الدنيوية من الملابس الفاخرة وغيرها (ولا مائل إلى أسباب التفاخر والتكاثر) على عادة أهل الدنيا فلا يتشبه بهم، (فيكتب من المتكبرين والمترفين، ويخرج من حزب الضعفاء، والمساكين، وخصوص الصالحين، فقد أمر صلى الله عليه وسلم بالشعث والاحتفاء) ، أما الشعث محركة هو انتشار الشعر لقلة التعاهد به، والاحتفاء المشي حافيا .

قال العراقي: رواه البغوي والطبراني من حديث عبد الله بن أبي حدرد مرفوعا: تمعددوا واخشوشنوا وانتعلوا وامشوا حفاة، وفيه اختلاف أي في الألفاظ، رواه ابن عدي من حديث أبي هريرة وكلاهما ضعيف، (ونهي عن التنعم والرفاهية في حديث فضالة بن عبيد ) - رضي الله عنه - كذا في القوت وهو صحابي شهد أحدا والحديبية وولي قضاء دمشق سنة 53، قال العراقي: رواه أبو داود بلفظ: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كثير من الإرفاه ولأحمد من حديث معاذ إياك والتنعيم. .. الحديث .

قلت: وقال أحمد في المسند: حدثنا يزيد أنبأنا عاصم، عن أبي عثمان أن عمر رضي الله عنه قال: ائتزروا وارتدوا وانتعلوا وألقوا الخفاف والسراويلات وألقوا الركب وعليكم بالهدية، وارموا الأغراض وذروا التنعم وزي العجم، وإياكم والحرير (وفي الخبر إنما الحاج الشعث التفل ) ، رواه الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر، وقال الترمذي: غريب، وفي نسخة التفث بدل التفل، (ويقول الله عز وجل) لملائكته (انظروا إلى زوار بيتي فقد جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق) ، رواه الحاكم وصححه من حديث أبي هريرة دون قوله من كل فج عميق، وكذا رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمر، وقاله العراقي، قلت: ورواه ابن حبان في الصحيح .

وكذا أحمد من حديث أبي هريرة بلفظ: فيقول: انظروا إلى عبادي هؤلاء جاءوني شعثا غبرا، وأخرجه ابن حبان أيضا من حديث جابر وفيه من كل فج عميق مثله لأبي ذر الهروي في منسكه من حديث أنس بلفظ: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا يضربون إلي من كل فج عميق، فاشهدوا إني قد غفرت لهم الحديث، (وقال تعالى، ثم ليقضوا تفثهم التفث الشعث) لفظا ومعنى (و) في معناه (الاغبرار وقضاؤه بالحلق) أي: حلق الرأس (وقص الأظفار) كذا نقله صاحب القوت، (وكتب عمر) بن الخطاب (رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد) ، وهم النواب في البلاد (اخلولقوا واخشوشنوا أي: البسوا الخلقات) من الثياب (واستعملوا الخشونة في الأشياء) .

قال صاحب القوت: وبعض أصحاب الحديث: يصحف في هذا الحديث، ويقول: احلولقوا من الحلق، ولا يجوز أن يأمرهم بإسقاط سنة كيف وقد قال لصبيغ حين توسم فيه مذهب الخوارج: اكشف رأسك فرآه ذا ضفرين، فقال: لو كنت محلوقا لضربت عنقك، قال: ولينح مثال أهل اليمن من الأثاث، وإن الاقتداء بهم والاتباع لشمائلهم في الحج طريقة السلف على ذلك الهدي والوصف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، وما عدا وصفهم، وخالف هديهم فهو محدث ومبتدع (و) لهذا المعنى، (قد قيل زين الحجيج أهل اليمن; لأنهم على) منهاج الصحابة، و (هيئة التواضع والضعف وسيرة السلف) وطريقتهم، وروى الطبراني في الكبير والأوسط [ ص: 439 ] من طريق حبان بن بسطام قال: كنا عند ابن عمر فذكروا دأب حاج اليمن، وما يصنعون فيه، فقال ابن عمر: لا تسبوا أهل اليمن؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: زين الحاج أهل اليمن، قال الهيثمي: إسناده حسن فيه ضعفاء وثقوا .

قال صاحب القوت: وقد كان العلماء قديما إذا نظروا إلى المترفين قد خرجوا إلى مكة يقولون: لا تقولوا خرج فلان حاجا، ولكن قولوا خرج مسافرا، (وينبغي أن يجتنب الحمرة في زيه على الخصوص ) من باقي الألوان (و) يجتنب (الشهرة) التي يشار إليها بالأصابع (كيفما كانت على العموم) ، فإن ذلك مكروه (فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم كان في سفر فنزل أصحابه منزلا) ، ولفظ القوت: منهلا (فسرحت الإبل فنظر إلى أكسية حمر على الأقتاب، فقال: أرى هذه الحمرة قد غلبت عليكم قالوا: فقمنا إليها ونزعناها عن ظهورها حتى شرد بعض الإبل) ، قال العراقي: رواه أبو داود من حديث رافع بن خديج، وفيه رجل لم يسم .




الخدمات العلمية