الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            [ ص: 235 ] التخصيص

            ص - التخصيص : قصر العام على بعض مسمياته .

            أبو الحسين : إخراج بعض ما يتناوله الخطاب عنه .

            وأراد ما يتناوله بتقدير عدم المخصص ، كقولهم خصص العام .

            وقيل : تعريف أن العموم للخصوص .

            وأورد الدور .

            وأجيب بأن المراد في الحد التخصيص اللغوي .

            ويطلق التخصيص على قصر اللفظ ، وإن لم يكن عاما ، كما يطلق عليه عام لتعدده ، كـ ( عشرة ) ، و ( المسلمين ) المعهودين ، وضمائر الجمع .

            ولا يستقيم ( تخصيص ) إلا فيما يستقيم توكيده بـ ( كل ) .

            التالي السابق


            ش - لما فرغ عن العام وأحكامه - شرع في التخصيص وعرفه أولا بأنه قصر العام على بعض مسمياته .

            وأراد ببعض مسمياته : بعض أجزائه ; فإن مسمى العام : [ ص: 236 ] جميع ما يصلح له اللفظ ، لا بعضه .

            وقال أبو الحسين : التخصيص : إخراج بعض ما يتناوله الخطاب ، عنه ؛ أي عن الخطاب على تقدير عدم المخصص . فإنه لو لم يقدر ذلك لم يستقم التعريف ; لأن الخطاب غير متناول لذلك البعض على تقدير وجود المخصص .

            كقولهم خصص العام ، ( فإنه يكون معناه إخراج بعض ما يتناوله على تقدير عدم المخصص .

            ولقائل أن يقول : لا حاجة إلى هذا التقدير ; لأن الخطاب في نفسه متناول لذلك البعض ، وباعتبار المخصص غير متناول له . فالعام على تقدير وجود المخصص شامل لجميع الأفراد في نفسه ، والمخصص أخرج بعضها عنه . فلا حاجة إلى تقدير هذا القيد ) .

            وقيل في حده : التخصيص هو : تعريف أن العموم للخصوص ، أي التخصيص هو : بيان أن اللفظ الموضوع لجميع الأفراد أريد منه بعضها .

            [ ص: 237 ] وأورد على هذا التعريف أنه قد أخذ في تعريف التخصيص ، الخصوص . وهما عبارتان عن معبر واحد . فتعريف أحدهما بالآخر دور .

            وأجيب بأن المراد بالخصوص المستعمل في الحد : التخصيص اللغوي ، وقد أخذ في حد التخصيص الاصطلاحي . فلا دور .

            واعلم أنه لو فسر تعريف أبي الحسين بما فسره المصنف يرد عليه هذا السؤال ، ولا يمكن أن يجاب عنه ، لكن علمت أن تعريفه صحيح بدون ما ذكره المصنف تتمة لتعريفه فلا يرد عليه شيء .

            والتخصيص قد يطلق على قصر اللفظ على بعض أجزاء مسماه وإن لم يكن اللفظ عاما بحسب الاصطلاح ، كما يطلق العام الذي يكون لمسماه أجزاء ; كـ ( عشرة ) ، ( المسلمين ) المعهودين .

            وقد ذكر المصنف في مثال العام غير المصطلح ضمائر الجمع بناء على أن الضمائر ليست من صيغ العموم ; إذ المراد بصيغ العموم ما يدل بنفسه .

            وفيه نظر .

            [ ص: 238 ] لأن عموم ضمير جمع الغائب تابع لعموم مظهره ، واحتياج دلالته على معناه إلى تقدم الذكر لا ينفي عمومه .

            وضمير المتكلم والمخاطب ، لكونه محتاجا إلى قرينة التكلم والخطاب يشبه أن يكون من باب المعهود ، لكنه ليس كذلك ، لأن من الموصولة يحتاج إلى قرينة الصلة ، ومع ذلك ليس بمعهود ، بل يكون عاما بحسب الاصطلاح .

            والتخصيص لا يستقيم إلا فيما يستقيم توكيده بـ ( كل ) .

            وهو ما يصح افتراقه حسا ، كقولهم : جاءني الرجال ، أو حكما ، كقولهم : اشتريت الجارية .

            لأن ما لا يؤكد بـ ( كل ) ، لا شمول له ، ولا يتصور التخصيص فيما لا شمول له .




            الخدمات العلمية