الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - المخصص متصل ومنفصل .

            فالمتصل : الاستثناء المتصل ، والشرط ، والصفة ، والغاية وبدل البعض .

            والاستثناء في المنقطع ، قيل : حقيقة ، وقيل : مجاز .

            [ ص: 247 ] وعلى الحقيقة ، قيل : متواطئ ، وقيل : مشترك .

            ولا بد لصحته من مخالفة في نفي الحكم ، أو في أن المستثنى حكم آخر ، له مخالفة بوجه ، مثل : ما زاد إلا ما نقص .

            ولأن المتصل أظهر ، لم يحمله فقهاء الأمصار على المنقطع ، إلا عند تعذره .

            ومن ثمة قالوا في : له عندي مائة درهم إلا ثوبا ، وشبهه : إلا قيمة ثوب .

            التالي السابق


            ش - اعلم أن المخصص هو المخرج وهو : إرادة اللافظ .

            وقد يطلق المخصص على ما دل على إرادة اللافظ بالمجاز والمخصص بالمعنى الثاني إما متصل ، أو منفصل .

            [ ص: 248 ] والمتصل أربعة : الاستثناء المتصل ، والشرط ، والصفة ، والغاية .

            هذا هو المشهور .

            وقد زاد المصنف قسما آخر ، وهو بدل البعض عن الكل ; لأنه إخراج بعض ما تناوله اللفظ .

            وفيه نظر ; فإن المبدل في حكم الطرح ، والبدل قد أقيم مقامه ، فلا يكون مخصصا له .

            وخص المصنف بدل البعض بكونه مخصصا دون الأبدال الباقية ; لكونها غير متناولة .

            واختلفوا في استعمال الاستثناء في المنقطع ، مثل : جاءني القوم إلا حمارا .

            فقيل : إنه بطريق الحقيقة .

            وقيل : إنه بطريق المجاز .

            ثم القائلون بالحقيقة اختلفوا :

            فقال قوم : إنه متواطئ ، أي موضوع للقدر المشترك بين المتصل والمنقطع .

            وقال آخرون : إنه مشترك بينهما اشتراكا لفظيا .

            [ ص: 249 ] حجة القائل بالمجاز : أن المتصل يسبق إلى الفهم عند إطلاق الاستثناء ، فيكون حقيقة في المتصل ، مجازا في المنقطع ، وإلا لم يسبق المتصل إلى الفهم .

            حجة القائل بالتواطؤ : أن الاستثناء ينقسم إلى المتصل والمنقطع . ومورد القسمة مشترك بين القسمين ، فيكون معنى الاستثناء مشتركا بينهما ، فيكون متواطئا .

            حجة القائل بالاشتراك : أنه يستعمل في المتصل والمنقطع ، وفي المتصل الإخراج ، وفي المنقطع المخالفة ، فلا مشترك بينهما من حيث المعنى فيجعل مشتركا بينهما اشتراكا لفظيا ، لأنه لا ترجيح لأحد المفهومين على الآخر في كونه حقيقة له دون الآخر .

            والحق : المذهب الأول .

            وبما ذكرنا من أن المتصل يسبق إلى الفهم عند إطلاقه يعرف ضعف المذهبين الآخرين .

            ولا بد في الاستثناء المنقطع من مخالفة المستثنى للمستثنى منه في نفي الحكم ، أو في أن المستثنى حكم آخر ، له مخالفة مع المستثنى منه .

            مثال الأول : ما جاءني القوم إلا حمارا .

            مثال الثاني : ما زاد إلا ما نقص ، وما نفع إلا ما ضر .

            [ ص: 250 ] قال سيبويه : " ما " الأولى نافية ، والثانية مصدرية ، وفاعل زاد ونفع مضمر ، ومفعولهما محذوف ؛ والتقدير : ما زاد فلان شيئا إلا نقصانا ، وما نفع فلان إلا مضرة .

            فالمستثنى - وهو النقصان والمضرة - حكم مخالف للمستثنى منه وهو الزيادة والنفع . فيكون الاستثناء منقطعا ; لأن المستثنى من غير جنس المستثنى منه .

            ولما كان إطلاق المستثنى على المتصل أظهر وأقوى ، لكونه حقيقة - لم يحمل فقهاء الأمصار الاستثناء على المنقطع ، ما لم يتعذر حمله على المتصل .

            ولأجل ذلك قال فقهاء الأمصار : لو قال قائل : له عندي [ ص: 251 ] مائة درهم إلا ثوبا ، وشبهه - يقدر قيمة ثوب ، ليكون من باب الاستثناء المتصل .




            الخدمات العلمية