الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - قالوا : أقرب مجاز إليهما ، باعتبار رفع المنسوب إليهما ، عموم أحكامهما .

            أجيب بأن باب غير الإضمار في المجاز أكثر ، فكان أولى ، فيتعارضان ، فيسلم الدليل .

            قالوا : العرف في مثل : ليس للبلد سلطان ، نفي الصفات .

            [ ص: 177 ] قلنا : قياس في العرف .

            قالوا : يتعين الجميع لبطلان التحكم إن عين ، ولزوم الإجمال إن أبهم .

            قلنا : ويلزم من التعميم زيادة الإضمار وتكثير مخالفة الدليل ، فكان الإجمال أقرب .

            التالي السابق


            ش - القائلون بأن المقتضي له عموم احتجوا بثلاثة وجوه :

            الأول - أن قوله - عليه السلام - : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " يدل بالحقيقة على رفع مفهوم الخطأ والنسيان عن الأمة ، وهو غير مستقيم ، فلا بد وأن يضمر تقدير حتى يستقيم الكلام ، وأقرب مجاز إلى رفع مفهوم الخطأ والنسيان عن الأمة عموم رفع أحكامهما ; لأن عدم جميع أحكام الخطأ والنسيان أقرب إلى عدم الخطأ والنسيان من عدم بعض أحكامهما " . فيحمل على المجاز الأقرب .

            أجاب بأن باب غير الإضمار في المجاز أكثر من باب الإضمار . فباب الإضمار ، لكونه أقل ، على خلاف الأصل .فكلما كان الإضمار أقل كان مخالفة الأصل أقل ، فكان إضمار البعض أولى . فيتعارضان ، أي كون إضمار الجميع أقرب إلى الحقيقة ، وكون إضمار البعض أولى . فيسلم الدليل الذي ذكرنا .

            [ ص: 178 ] الثاني - أن العرف اقتضى في قولنا : ليس للبلد سلطان ، عموم نفي الصفات التي ينبغي للحاكم ، ويلزم أن يكون مقتضيا للعموم في غيره من الصور بالقياس عليه ، والجامع اشتراكهما في صرفهما عن الظاهر إلى ما يستقيم .

            أجاب بأنه قياس في العرف ، والقياس في العرف غير جائز ، كالقياس في اللغة .

            الثالث - أنه يتعين الحمل على جميع التقديرات .

            وذلك لأنه لو لم يحمل على الجميع ، فإما أن يحمل على بعض معين ، فيلزم التحكم ; لأن كل واحد منهما مساو لآخر ، والتحكم باطل .

            وإن حمل على بعض مبهم - أي غير معين - يلزم الإجمال .

            وهو خلاف الأصل .

            أجاب بأن الحمل على بعض مبهم وإن كان مستلزما للإجمال الذي هو خلاف الأصل ، لكنه أولى من حمله على الجميع ; لأن حمله على الجميع يستلزم زيادة الإضمار ، وتكثير مخالفة الأصل ، فكان الإجمال أقرب وأولى .




            الخدمات العلمية