الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4316 ) فصل : القسم الثاني ، ما منفعته محرمة ، كالزنى والزمر والنوح والغناء ، فلا يجوز الاستئجار لفعله . وبه قال مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، وصاحباه ، وأبو ثور . وكره ذلك الشعبي ، والنخعي ; لأنه محرم ، فلم يجز الاستئجار عليه ، كإجارة أمته للزنى . ولا يجوز استئجار كاتب ليكتب له غناء ونوحا . وقال أبو حنيفة : يجوز

                                                                                                                                            ولنا أنه انتفاع بمحرم ، فأشبه ما ذكرنا . ولا يجوز الاستئجار على كتابة شعر محرم ، ولا بدعة ، ولا شيء محرم لذلك . ولا يجوز الاستئجار على حمل الخمر لمن يشربها ، ولا على حمل خنزير ولا ميتة ; لذلك . وبهذا قال أبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي . وقال أبو حنيفة : يجوز ; لأن العمل لا يتعين عليه ، بدليل أنه لو حمله مثله جاز ، ولأنه لو قصد إراقته أو طرح الميتة ، جاز

                                                                                                                                            وقد روي عن أحمد ، في من حمل خنزيرا أو ميتة أو خمرا لنصراني : أكره أكل كرائه ، ولكن يقضى للحمال بالكراء ، فإذا كان لمسلم فهو أشد . قال القاضي : هذا محمول على أنه استأجره ليريقها ، فأما للشرب فمحظور ، ولا يحل أخذ الأجرة عليه . وهذا التأويل بعيد ; لقوله : أكره أكل كرائه ، وإذا كان لمسلم فهو أشد . ولكن المذهب خلاف هذه الرواية ; لأنه استئجار لفعل محرم ، فلم يصح ، كالزنى

                                                                                                                                            ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن حاملها والمحمولة إليه . وقوله : لا يتعين يبطل باستئجار أرض ليتخذها مسجدا . وأما حمل هذه لإراقتها ، [ ص: 321 ] والميتة لطرحها ، والاستئجار للكنف ، فجائز ; لأن ذلك كله مباح ، وقد استأجر النبي صلى الله عليه وسلم أبا طيبة فحجمه . وقال أحمد ، في رواية ابن منصور ، في الرجل يؤجر نفسه لنظارة كرم النصراني : يكره ذلك ; لأن الأصل في ذلك راجع إلى الخمر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية