الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مقاصد القضاء في الإسلام (إحقاق الحق) [الجزء الثاني]

الدكتور / حاتم بوسمة

الفصل الأول

إظهار الحقوق وتبيينها

لا مراء إذا نحن اعتقدنا أن إحقاق الحق، هو الهدف الأسمى من القضاء، بل إن إحقاق الحق من محاق حكمة الله عز وجل وعدله؛ دل على ذلك عديد الآيات القرآنية، منها قول الله تعالى: ( ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون ) (الأنفال:8)، وقوله تعالى: ( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين ) (المائدة:42).

وكذلك نوه النبي صلى الله عليه وسلم بواجب القـاضي أن يحـكم بالحق، وأشار إلى ما قد يترتب على مخالفة ذلك من خطيئة دينية وأخلاقية، فقال: ( إن الله مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار وكله إلى نفسه ) [1] . [ ص: 9 ]

هذا التحوط في إحقاق الحق، اقتضى أمرين أساسين:

الأول: لأجل أن يكون القضاء منطبقا على الحق والعدل، يشترط أن يحصل للقاضي حين فصل القضاء، العلم بالحادثة محل النزاع، وهذا لا يتأتى له إلا بأحد أمرين، إطلاعه بنفسه على الحادثة، أو أن يصل إليه خبرها بطريق التواتر المفيد للعلم.

ولكننا لو اقتصرنا على هذين الطريقين فقط من الأدلة، لتعطلت أكثر مصالح الناس، لذلك قضت الضرورة التي دعا إليها وجوب المحافظة على نفوس الناس وأموالهم وأعراضهم، أن تقبل الحجة الظنية ليبنى عليها القضاء، وهو أهون الشرين، وبذلك تتسع دائرة الإثبات.

الثاني: إذا كان حق الالتجاء إلى القضاء وإثبات الدعاوى للذود عن الحق، من الحقوق التي أقرتها الشريعة الإسلامية وسائر الدساتير الوضعية، فإن حق الخصم في نفي ما يدعيه خصمه من الحقوق المقررة أيضا.

وحق الخصم في إثبات ما يدعيه، وحق خصمه في نفيه، يستوجب من القاضي ألا يحكم إلا من واقع هذه الأدلة أو نفيها. وهذا يقتضي أن يوازن القاضي بين مختلف الأدلة ويرجح بينها، ويقضي بما بان له من الحق [2] . [ ص: 10 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية