الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2002 1156 - (2001) - (1 \ 227) حدثني ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن هم بحسنة ، فعملها ، كتبت عشرا ، وإن لم يعملها ، كتبت حسنة ، وإن هم بسيئة ، فعملها ، كتبت سيئة ، وإن لم يعملها ، كتبت حسنة " .

التالي السابق


* قوله : "كتبت عشرا " : هكذا عشرا - بالنصب - ، والموافق به نصب حسنة وسيئة فيما بعد ، وهو الموافق لروايات هذا الحديث ; ففي بعضها : "كتبها الله له عنده حسنة كاملة ، وكتبها الله عشرا " ، وكذا : "كتبها الله سيئة واحدة " ، وكذا هو الموافق لحديث أبي هريرة في هذا الباب ، وعلى هذا ففي "كتبت" ضمير

[ ص: 323 ] الحسنة ، لكن قال أبو البقاء : يجوز في "حسنة" وجهان : الرفع على كونها نائب الفاعل ; أي : كتبت له حسنة ، وليس في هذا ذكر الحسنة التي هم بها ، بل معناه أنه تعالى أثابه على همه بحسنة ، والنصب على معنى كتبت الخصلة التي هم بها حسنة ، وانتصابها على الحال ; أي : أثبتت له حسنة ; أي : مثابا عليها ، ويجوز أن يكون مفعولا به ; أي : صيرها له حسنة ، وهذا القول في عشر أو واحدة ، انتهى .

قلت : وما ذكر في وجه النصب فهو حسن ، لكن تجويزه الرفع مبني على الغفلة عن النظر في الروايات ، والله تعالى أعلم .

* ثم قوله : "وإن لم يعملها " : أي : السيئة ، كتبت حسنة ، يدل على أن هم السيئة معفو عنه ، وإن عزم عليها ، ووطن القلب عليها ما لم يعمل ، وهو الموافق لحديث : "تجاوز الله لأمتي ما حدثت بها أنفسها ما لم تتكلم به ، أو تعمل به" كما لا يخفى .

بقي الكلام في اعتقاد الكفر ونحوه ، والجواب : أنه ليس من حديث النفس ، بل مندرج في العمل ، وعمل كل شيء على حسبه .

أو نقول : الكلام فيما يتعلق به تكلم أو عمل بقرينة : "ما لم يتكلم . . . إلخ " ، وهذا ليس منهما ، وإنما هو من أفعال القلب وعقائده ، ولا كلام فيه .

وللنووي - رحمه الله - وغيره كلام كثير في هذا المحل ، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية