الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2129 1250 - (2128) - (1 \ 238) عن ابن عباس ، قال : وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل اليمن يلملم ، ولأهل نجد قرنا ، وقال : "هن وقت لأهلهن ولمن مر بهن من غير أهلهن - يريد : الحج والعمرة - ، فمن كان منزله من وراء الميقات ، فإهلاله من حيث ينشئ ، وكذلك فكذلك ، حتى أهل مكة إهلالهم من حيث ينشئون " .

التالي السابق


* قوله : "وقت " : من التوقيت ; أي : عين وحدد ، وهذا التحديد لمنع التأخير ، لا لمنع التقديم ; فإنه جائز عند الجمهور .

* "ولمن مر بهن . . . إلخ " : قيل : هذا يقتضي أن الشامي المار بذي الحليفة ميقاته ذو الحليفة ، وعموم قوله : "لأهل الشام الجحفة" يقتضي أن ميقاته الجحفة ، فهو عمومان متعارضان .

قلت : لا تعارض بينهما ; إذ مرجع العمومين إلى أن ذلك الشامي له ميقاتان : ميقات أصلي ، وميقات بواسطة المرور بذي الحليفة ، والميقات : ما يحرم مجاوزته بلا إحرام ، لا ما لا يجوز تقديم الإحرام عليه ، فيقال : ذاك الشامي ليس له مجاوزة شيء منهما بلا إحرام ، فيجب عليه أن يحرم من أولهما ، ولا يجوز له التأخير إلى آخرهما ، فإنه إذا أحرم من أولهما ، لم يجاوز شيئا منهما بلا إحرام ، وإذا أخر إلى آخرهما ، فقد جاوز الأول بلا إحرام ، وذلك غير جائز له .

[ ص: 370 ] وعلى هذا ، فإذا جاوزهما بلا إحرام ، فقد ارتكب محرمين ; بخلاف من له ميقات واحد ، فإنه إذا جاوزه بلا إحرام ، فقد ارتكب محرما واحدا ، والحاصل أنه لا تعارض في تعدد المواقيت لواحد ، نعم لو كان معنى الميقات ما لا يجوز تقديم الإحرام عليه ، لحصل التعارض .

* "يريد الحج " : حال من فاعل مر ، وظاهره أن الإحرام على من يريد أحد النسكين ، لا من يريد مكة ومر بهذه المواقيت ، وبه يقول الشافعي .

وفيه إشارة إلى أن هذه المواقيت مواقيت للحج والعمرة جميعا ، لا للحج فقط ، فيلزم أن تكون مكة لأهلها ميقاتا للحج والعمرة جميعا ، لا أن مكة للحج ، والتنعيم للعمرة ; كما عليه الجمهور .

* "ينشئ " : أي : السفر ، يفيد : أنه ليس لمن كان داخل الميقات أن يؤخر الإحرام من أهله ، وكذلك ليس لأهل مكة أن يؤخروا من مكة ، وعلى هذا فقول علمائنا الحنفية في جواز التأخير مشكل ، فليتأمل .

* "وكذلك " : أي : كذلك الحكم في كل من كان داخلا ، وإن كان كافرا قرب إلى مكة ، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية