الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء

801 . والأفضل الصديق ثم عمر وبعده عثمان وهو الأكثر      802 . أو فعلي قبله خلف حكي
قلت : وقول الوقف جا عن مالك      803 . فالستة الباقون ، فالبدريه
فأحد ، فالبيعة المرضيه

التالي السابق


أجمع أهل السنة على أن أفضل الصحابة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على الإطلاق أبو بكر ، ثم عمر ، وممن حكى إجماعهم على ذلك أبو العباس القرطبي ، فقال ولم يختلف في ذلك [ ص: 138 ] أحد من أئمة السلف ولا الخلف ، قال ولا مبالاة بأقوال أهل التشيع ، ولا أهل البدع انتهى.وقد حكى الشافعي وغيره إجماع الصحابة والتابعين على ذلك قال البيهقي في كتاب الاعتقاد روينا عن أبي ثور عن الشافعي قال ما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على جميع الصحابة ، وإنما اختلف من اختلف منهم في علي وعثمان انتهى وروينا عن جرير بن عبد الحميد ، أنه سأل يحيى بن سعيد الأنصاري عن ذلك قال من أدركت من الصحابة والتابعين لم يختلفوا في أبي بكر وعمر وفضلهما إنما كان الاختلاف في علي وعثمان وحكى المازري عن أهل السنة تفضيل أبي بكر ، وعن الخطابية تفضيل عمر بن الخطاب ، وعن الشيعة تفضيل علي ، وعن الراوندية تفضيل العباس ، وعن بعضهم الإمساك عن التفضيل وحكاه الخطابي أيضا في المعالم ، وحكى أيضا عن بعض مشايخه أنه كان يقول أبو بكر خير وعلي أفضل وهذا تهافت من القول وحكى القاضي عياض أن ابن عبد البر ، وطائفة ذهبوا إلى أن من توفي من الصحابة في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل ممن بقي بعده لقوله - صلى الله عليه وسلم - في بعضهم أنا شهيد على هؤلاء ، قال النووي وهذا الإطلاق [ ص: 139 ] غير مرضي ، ولا مقبول انتهى وهو أيضا مردود بما تقدم من حكاية إجماع الصحابة والتابعين على أفضلية أبي بكر وعمر على سائر الصحابة. واختلف أهل السنة في الأفضل بعد عمر ، فذهب الأكثرون كما حكاه الخطابي وغيره إلى تفضيل عثمان على علي وأن ترتيبهم في الأفضلية كترتيبهم في الخلافة ، وإليه ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل ، كما رواه البيهقي في كتاب الاعتقاد عنهما ، وهو المشهور عند مالك ، وسفيان الثوري وكافة أئمة الحديث والفقهاء ، وكثير من المتكلمين كما قال القاضي عياض ، وإليه ذهب أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني ; ولكنهما اختلفا في أن التفضيل بين الصحابة ، هل هو على سبيل القطع ، أو الظن ؟ فالذي مال إليه الأشعري أنه قطعي ، وعليه يدل قول مالك الآتي نقله من المدونة ، والذي مال إليه القاضي أبو بكر ، واختاره إمام الحرمين في الإرشاد أنه ظني ، وبه جزم صاحب المفهم وذهب أهل الكوفة - كما قال الخطابي - إلى تفضيل علي على عثمان ، وروى بإسناده إلى سفيان الثوري أنه حكاه عن أهل السنة من أهل الكوفة وحكى عن أهل السنة من أهل البصرة أفضلية عثمان ، فقيل فما تقول ؟ فقال أنا رجل كوفي ، ثم قال وقد ثبت عن سفيان في آخر قوليه ، تقديم عثمان [ ص: 140 ] وممن ذهب إلى تقديم علي على عثمان أبو بكر بن خزيمة ، وقد جاء عن مالك التوقف بين عثمان وعلي ، كما حكاه المازري عن المدونة أن مالكا سئل أي الناس أفضل بعد نبيهم ؟ فقال أبو بكر ، ثم قال أوفي ذلك شك ؟ قيل له فعلي وعثمان ؟ قال ما أدركت أحدا ممن أقتدي به يفضل أحدهما على صاحبه ، ونرى الكف عن ذلك ، وفي رواية في المدونة حكاها القاضي عياض أفضلهم أبو بكر ، ثم عمر ، وحكى القاضي عياض قولا أن مالكا رجع عن الوقف إلى القول الأول قال القرطبي وهو الأصح إن شاء الله قال القاضي عياض ويحتمل أن يكون كفه وكف من اقتدى به لما كان شجر بينهم في ذلك من الاختلاف والتعصب انتهى وقد مال إلى التوقف بينهما إمام الحرمين ، فقال الغالب على الظن أن أبا بكر أفضل ، ثم عمر وتتعارض الظنون في عثمان وعلي انتهى والذي استقر عليه مذهب أهل السنة تقديم عثمان ، لما روى البخاري وأبو داود والترمذي من حديث ابن عمر ، قال كنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نعدل بأبي بكر أحدا ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ورواه الترمذي بلفظ كنا نقول ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حي أبو بكر وعمر وعثمان ، قال هذا حديث صحيح غريب ورواه [ ص: 141 ] الطبراني بلفظ أصرح في التفضيل ، وزاد فيه اطلاعه - صلى الله عليه وسلم - وتقريره لذلك ولفظه كنا نقول ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حي أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، وعمر وعثمان ، فيسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلا ينكره ، فهذا حكم الخلفاء الأربعة. وأما ترتيب من بعدهم في الأفضلية ، فقال الإمام أبو منصور عبد القاهر التميمي البغدادي أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة ، ثم الستة الباقون إلى تمام العشرة ، ثم البدريون ، ثم أصحاب أحد ، ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية. وقولي فأحد فالبيعة المرضيه ، هو على حذف المضاف ، أي فأهل أحد فأهل البيعة




الخدمات العلمية