الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
عابدة من بني إسرائيل يقال لها سارة :

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال: أخبرنا أحمد بن علي الثوري قال: أخبرنا عمر بن ثابت قال: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس قال: أخبرنا أبو بكر القرشي قال: أخبرنا عبد الله بن رومي قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم ، عن عبد الصمد بن معقل ، عن وهب بن منبه قال: أتي بامرأة من بني إسرائيل يقال لها سارة وسبعة بنين لها إلى ملك كان يفتن الناس على أكل لحم الخنزير .

فدعا أكبرهم فقرب إليه لحم الخنزير ، فقال: كل ، فقال: ما كنت لآكل شيئا حرمه الله عز وجل أبدا ، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه ، ثم قطعه عضوا عضوا حتى قتله ، ثم دعا بالذي يليه فقال: كل ، فقال: ما كنت لآكل شيئا حرمه الله تعالى ، فأمر بقدر من نحاس فملئت زيتا ثم أغليت حتى إذا غلت ألقاه فيها ، ثم دعا الذي يليه ، فقال: كل ، فقال: ما كنت لآكل شيئا حرمه الله تعالى ، فقتله ، ثم دعا الذي يليه ، فقال: أنت أذل وأقل وأهون على الله من أن آكل شيئا حرمه الله تعالى علي فضحك الملك ، وقال: أتدرون ما أراد بشتمه إياي ، أراد أن يغضبني ، فأعجل في قتله وليخطئه ذلك وأمر به ، فجز جلدة عنقه ، ثم أمر به أن يسلخ جلدة رأسه ووجهه فسلخوه سلخا ، فلم يزل يقتل كل واحد منهم بلون غير قتل أخيه حتى بقي أصغرهم ، فالتفت به إلى أمه ، فقال: لقد رثيت لك مما رأيت فانطلقي بابنك هذا فأخلي به وأنقذيه على أن يأكل لقمة واحدة فيعيش لك قالت: نعم .

فخلت به ، فقالت: أي بني إنه كان لي على كل رجل من [ ص: 179 ] إخوتك حق ، ولي عليك حقان . ، وذلك أني أرضعت كل واحد حولين ، فمات أبوك وأنت حمل ، فأرضعتك لضعفك ورحمتي إياك أربعة أعوام فأسألك بالله وحقي أما صبرت ولم تأكل شيئا مما حرمه الله عليك ولا تلقين أخوتك يوم القيامة ، ولست معهم ، فقال: الحمد لله الذي أسمعني هذا منك ، أما كنت أخاف أن تريديني على أن آكل [ مما حرمه الله ] .

ثم جاءت به إلى الملك فقالت: ها هو ذا قد أردته وعرضت عليه فأمره الملك أن يأكل ، فقال: ما كنت لآكل شيئا حرمه الله علي ، فقتله وألحقه بأخوته ، وقال لأمهم: إني لأجدني أرثي لك ، فما رأيت اليوم ، ويحك ، فكلي لقمة ثم أصنع بك ما شئت وأعطيك ما أحببت تعيشين به ، قالت: ما أجمع بين ثكل ولدي ومعصية الله عز وجل ، فلو حييت بعدهم ما أردت ذلك ، وما كنت لآكل شيئا مما حرمه الله تعالى أبدا فقتلها وألحقها ببنيها

التالي السابق


الخدمات العلمية