الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 348 ] قوله ( ويوم الشك ) . يعني أنه يكره صومه ، واعلم أنه إذا أراد أن يصوم يوم الشك ، فتارة يصومه لكونه وافق عادته ، وتارة يصومه موصولا قبله ، وتارة يصومه عن قضاء فرض ، وتارة يصومه عن نذر معين ، أو مطلق ، وتارة يصومه بنية الرمضانية احتياطا . وتارة يصومه تطوعا من غير سبب ، فهذه ست مسائل . إحداها : إذا وافق صوم يوم الشك عادته ، فهذا لا يكره صومه ، وقد استثناه المصنف في كلامه بعد ذلك .

الثانية : إذا صامه موصولا بما قبله من الصوم ، فإن كان موصولا بما قبل النصف فلا يكره قولا واحدا ، وإن وصله بما بعد النصف لم يكره على الصحيح من المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وقيل : يكره ، ومبناهما على جواز التطوع بعد نصف شعبان ، فالصحيح من المذهب : أنه لا يكره ، ونص عليه ، وإنما يكره تقدم رمضان بيوم أو يومين ، وقيل : يكره بعد النصف ، اختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وقدمه في الرعايتين ، وأطلقهما في الحاويين ، ومال صاحب الفروع إلى تحريم تقدم رمضان بيوم أو يومين . الثالثة : إذا صامه عن قضاء فرض ، فالصحيح من المذهب : أنه لا يكره . وعنه يكره صومه قضاء ، جزم به الشيرازي في الإيضاح ، وابن هبيرة في الإفصاح ، وصاحب الوسيلة فيها . قال في الفروع : فيتوجه طرده في كل واجب للشك في براءة الذمة . الرابعة : إذا وافق نذر معين يوم الشك ، أو كان النذر مطلقا : لم يكره صومه قولا واحدا . [ ص: 349 ]

الخامسة : إذا صامه بنية الرمضانية احتياطا : كره صومه . ذكره المجد وغيره واقتصر عليه في الفروع . السادسة : إذا صامه تطوعا من غير سبب ، فالصحيح من المذهب : يكره ، وعليه جماهير الأصحاب ، كما قطع به المصنف هنا . قال في الكافي : قاله أصحابنا . قال الزركشي : هو قول القاضي ، وأبي الخطاب والأكثرين ، وقال المجد : وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله ، وقيل : يحرم صومه ، فلا يصح ، وهو احتمال في الكافي ، ومال إليه فيه ، واختاره ابن البنا ، وأبو الخطاب في عباداته الخمس ، والمجد وغيرهم ، جزم به ابن الزاغوني وغيره ، ومال إليه في الفروع ، وهما روايتان في الرعاية ، وعنه لا يكره صومه . حكاه الخطابي عن الإمام أحمد . السابعة : يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان ، إذا لم يكن في السماء علة ليلة الثلاثين ، ولم يتراءى الناس الهلال ، قدمه في الفروع ، وقال القاضي ، وأكثر الأصحاب : أو شهد به من ردت شهادته . قال القاضي : أو كان في السماء علة ، وقلنا : لا يجب صومه .

التالي السابق


الخدمات العلمية