الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4300 [ ص: 416 ] 2191 - (4312) - (1\451) عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه ابن مسعود، قال: " بينما رجل فيمن كان قبلكم، كان في مملكته، فتفكر ، فعلم أن ذلك منقطع عنه، وأن ما هو فيه قد شغله عن عبادة ربه، فتسرب فانساب ذات ليلة من قصره، فأصبح في مملكة غيره، وأتى ساحل البحر، وكان به يضرب اللبن بالأجر، فيأكل ويتصدق بالفضل، فلم يزل كذلك، حتى رقي أمره إلى ملكهم، وعبادته وفضله، فأرسل ملكهم إليه أن يأتيه، فأبى أن يأتيه، فأعاد ، ثم أعاد إليه، فأبى أن يأتيه، وقال: ما له وما لي؟ قال: فركب الملك، فلما رآه الرجل ولى هاربا، فلما رأى ذلك الملك ركض في أثره، فلم يدركه، قال: فناداه: يا عبد الله، إنه ليس عليك مني بأس، فأقام حتى أدركه، فقال له: من أنت رحمك الله؟ قال: أنا فلان بن فلان، صاحب ملك كذا وكذا، تفكرت في أمري، فعلمت أن ما أنا فيه منقطع، فإنه قد شغلني عن عبادة ربي، فتركته وجئت هاهنا أعبد ربي عز وجل، فقال: ما أنت بأحوج إلى ما صنعت مني، قال: ثم نزل عن دابته، فسيبها، ثم تبعه، فكانا جميعا يعبدان الله عز وجل، فدعوا الله أن يميتهما جميعا، قال: فماتا " قال عبد الله: لو كنت برميلة مصر، لأريتكم قبورهما بالنعت الذي نعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

التالي السابق


* قوله: "فتسرب": السارب: الذاهب على وجه الأرض، فلعل المراد: أنه أراد الذهاب على وجه الأرض، أو هو على ظاهره.

* وقوله: "فانساب": تفسير له; أي: مشى مسرعا.

* "اللبن": في "القاموس": اللبن ككتف: المضروب من الطين مربعا، وكإبل: لغة.

* "بالأجرة": أي: بالكراء. [ ص: 417 ]

* "رقي": - بكسر القاف - أي: ارتفع واشتهر.

* "ولى": - بتشديد اللام - أي: أدبر.

* "فسيبها": - بتشديد الياء - أي: تركها.

* "برميلة مصر": - بالتصغير - .

* "قبورهما": هو من قبيل قوله تعالى: فقد صغت قلوبكما [التحريم: 4] وهذه هي اللغة المشهورة.

وقال أبو البقاء: القياس: قبريهما، ولكن جمع إما لأن التثنية جمع، وإما لأن كل ناحية من نواحي القبر قبر، انتهى.

وفي "المجمع" رواه أحمد، وأبو يعلى بنحوه، وفي إسنادهما المسعودي، وقد اختلط.

* * *




الخدمات العلمية