الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4494 2279 - (4508) - (2\6) عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثلكم، ومثل اليهود، والنصارى كرجل استعمل عمالا، فقال: من يعمل من صلاة الصبح إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ ألا فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟ ألا فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى غروب الشمس على قيراطين قيراطين ؟ ألا فأنتم الذين عملتم، فغضب اليهود، والنصارى قالوا: نحن كنا أكثر عملا، وأقل عطاء قال: هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا: لا، قال: فإنما هو فضلي، أوتيه من أشاء".

التالي السابق


* قوله: "مثلكم": أي: معشر المسلمين.

* "كرجل": أي: كمثل رجل; أي: المثل المتعلق بكم وبهذين الفريقين; كالمثل المتعلق بهذا الرجل، لا على تشبيه الفرق الثلاثة بالرجل، بل على أن في مثل الفرق الثلاثة ما يشبه الذي في مثل الرجل، ويمكن أن يقدر المضاف; أي: كمثل أجراء الرجل، فيتضح التشبيه.

* "ألا فعملت": كلمة "ألا" بالتخفيف: استفتاحية.

* "أكثر عملا": قيل: هذا خفي بالنظر إلى النصارى على قول الجمهور القائلين: إن ابتداء وقت العصر من المثل.

قلت: قد ذكروا أن من الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله أكثر من ثلاث [ ص: 472 ] ساعات، ومن وقت المثل إلى الغروب أقل من ثلاث ساعات، وهذا يكفي في كون النصارى أكثر عملا، مع أن الواقع في الحديث ليس وقت الزوال، بل نصف النهار، وهو قبيل الزوال، فيظهر به تفاوت أيضا، ثم الواقع في طرف العصر أيضا ليس وقت العصر، بل صلاة العصر، ولا شك أن الناس يتأهبون لها في أول المثل، ويصلون وسط المثل، فباعتبار ذلك يكثر التفاوت بلا ريب، على أنه يمكن أن يحمل "أكثر عملا" على معنى أكثر تعبا ومشقة، فيظهر الأمر ظهورا بينا، بناء على أن عمل النصارى مفروض في وقت شدة الحر، فافهم.

* * *




الخدمات العلمية