الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
11432 5155 - (11842) - (3\89) عن عطية العوفي، قال: قال أبو سعيد: قال رجل من الأنصار لأصحابه: أما والله! لقد كنت أحدثكم أنه لو قد استقامت الأمور قد

[ ص: 60 ] آثر عليكم. قال: فردوا عليه ردا عنيفا، قال: فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فجاءهم، فقال لهم أشياء لا أحفظها. قالوا: بلى يا رسول الله. قال: " فكنتم لا تركبون الخيل؟ " ، قال: فكلما قال لهم شيئا، قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فلما رآهم لا يردون عليه شيئا، قال: " أفلا تقولون: قاتلك قومك فنصرناك، وأخرجك قومك فآويناك؟ " ، قالوا: نحن لا نقول ذلك يا رسول الله، أنت تقوله: قال: " يا معشر الأنصار! ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا، وتذهبون أنتم برسول الله؟ " ، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " يا معشر الأنصار! ألا ترضون لو أن الناس لو سلكوا واديا، وسلكتم واديا، لسلكت وادي الأنصار؟ " ، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " لولا الهجرة، لكنت امرأ من الأنصار، الأنصار كرشي، وأهل بيتي، وعيبتي التي آوي إليها، فاعفوا عن مسيئهم، واقبلوا من محسنهم " .
قال أبو سعيد: قلت لمعاوية: أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أننا سنرى بعده أثرة؟ قال معاوية: فما أمركم؟ قلت: أمرنا أن نصبر، قال: فاصبروا إذا.

التالي السابق


* قوله : " قال رجل من الأنصار " : أي: بعد الفتح حين أعطى غنائم حنين لغيرهم.

* " كنت أحدثكم " : من التحديث; أي: قبل ذلك.

* " استقامت الأمور " : أي: أمور الدين.

* " قد آثر " : من الإيثار; أي: آثر عليكم غيركم.

* " فردوا عليه " : أي: حين كان يحدثهم بذلك قبل الفتح.

* " فكنتم لا تركبون الخيل " : أي: قبل أن أجيء إليكم، ثم رزقكم الله تعالى ركوبها بي.

* " كرشي " : - بفتح الكاف وسكون الراء - : هو لنحو الشاة كالمعدة للإنسان مجمع العلف.

[ ص: 61 ] * " وعيبتي " : هو - بفتح مهملة، وبتحتية ساكنة، فموحدة - : هو ما يجعل فيه أفضل الثياب، والمراد: أنهم أحقاء بوضع الأسرار والعلوم، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية