مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا أكره البراز قد بارز عبيدة وحمزة وعلي بأمر النبي صلى الله عليه وسلم " .
قال الماوردي : وهذا صحيح أما فلا بأس أن يبارزه من المسلمين من يعلم من نفسه قوة عليه قد إذا استدعى المشرك البراز برز أبي بن خلف الجمحي يوم أحد وقال : ليبرز إلي محمد فإني قد حلفت أن أقتله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " بل أنا أقتلك " . وبرز النبي صلى الله عليه وسلم إليه فرماه بحربة في صدره فخدشه بها فمات منها ، فقيل له وهو يجود بنفسه أيقتلك بمثل هذا الخدش فقال - والله لو تفل علي لقتلني .
فأنزل الله تعالى : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى [ الأنفال : 17 ] . وروي أن عتبة بن أبي ربيعة وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة استدعيا البراز يوم بدر ، فبرز إليهم ثلاثة من الأنصار ، فقالوا : من أنتم ؟ فقالوا : الأنصار . قالوا : ما نعديكم ، ليقم إلينا أكفاؤنا ، فبرز حمزة بن عبد المطلب إلى عتبة بن ربيعة فقتله ، وبرز علي رضي الله عنه ، إلى الوليد بن عتبة فقتله .
وبرز عبيدة بن الحارث إلى شيبة بن ربيعة فقتله ، وقطع شيبة رجل عبيدة وخلص حيا فمات بالصفراء بين بدر والمدينة ، وروي أن علي بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، بارز عمرو بن ود العامري بيوم الأحزاب فقتله ، وقد كان أكثر قتال الأنصار فرسانا ورجالة وأما فمن أصحابنا من كره ذلك لما روي أن إذا بدا الرجل [ ص: 481 ] المسلم فاستدعى البراز علي بن أبي طالب قال : لا تبرزن محمدا ولا تدعون إلى البراز ، فإن دعيت فأجب فإن الداعي باغ والباغي بمصروع .
ومنهم من لم يكرهه ؛ لأن أكثر ما فيه أن يكون معرضا نفسه للشهادة ، وذلك مباح ، قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على القتال يوما وشوق إلى الجنة فقام رجل فقال : يا رسول الله ، إن أنا خرجت فقاتلت حتى أقتل صابرا محتسبا أيحجزني عن الجنة شيء ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : لا إلا الدين قال : فخرج فانغمس في العدو فقاتل حتى قتل وحكي عن أبي حنيفة : أنه كره البراز داعيا ومجيبا .