الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما المصلي مضطجعا مومئا إذا قدر على القعود في أثناء صلاته ، فعليه أن يقعد ويبني ، وكذلك لو قدر على القيام لزمه أن يقوم ويبني على الماضي من صلاته وقد أجزأه .

                                                                                                                                            [ ص: 310 ] وقال أبو حنيفة إذا قدر المومئ على القيام ، أو القعود بطلت صلاته ، وكذلك العريان إذا وجد ثوبا ، والأمي إذا تعلم الفاتحة قال : لأنه قدر على شرط من شرائط الصلاة . . . عجزه عنه ، فوجب أن تبطل صلاته كالمستحاضة إذا انقطع دمها .

                                                                                                                                            والدلالة عليه : وهو أنه قدر على ركن من أركان الصلاة بعد عجزه عنه فوجب أن لا تبطل صلاته أصلا .

                                                                                                                                            أصله : إذا قدر على القيام ، ولأن القعود بدل عن القيام ، والاضطجاع بدل عن القعود ، فلما تقرر أن القادر على القيام ينتقل إلى المبدل ، ويبني على صلاته كذلك المضطجع إذا قدر على القعود ينتقل إلى مبدله ، ويبني على صلاته .

                                                                                                                                            فأما الجواب عن قياسه على المستحاضة فهو منتقض بالقاعد إذا قدر على القيام .

                                                                                                                                            والمعنى في بطلان صلاة المستحاضة ، كونها محدثة في تضاعيف الصلاة فخالفت العاجز إذا صح ، فإذا ثبت أن على العاجز المضطجع أن يقوم إذا قدر ويبني على صلاته ، وأنه إذا لم يقم ، فصلاته باطلة ، لأنه تعمد الجلوس في وضع القيام فوجب أن يبطل صلاته ، كما لو كان قائما فقعد في غير موضع القعود ، ومن أصحابنا من قال : لا يبطل صلاته لكن تصير نفلا ، ولا وجه لقوله ، فإذا بطلت صلاة الإمام بترك القيام ولا يعلم المأموم بحاله حتى فرغ من صلاته فلا إعادة عليه وصلاته مجزئة ، لأن قدرة الإمام على القيام أمر يخفى عليهم ، فلم يكلفوا الوصول إلى معرفته ، فصاروا كمن صلى خلف جنب وهم لا يعلمون بحاله ، وإن علموا قدرته على القيام أخرجوا أنفسهم من إمامته وبنوا على صلاتهم ، فإن لم يخرجوا من إمامته مع العلم بحاله بطلت صلاتهم ، كمن صلى خلف جنب وهو يعلم بجنابته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية