الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويجبر ) إن شاء ( أمته على إرضاع ولدها ) ولو من غيره بزنا وغيره ؛ لأنه يملك لبنها ومنافعها بخلاف الزوجة ولو طلبت إرضاعه لم يجز له منعها منه ؛ لأن فيه تفريقا بين الوالدة وولدها إلا عند تمتعه بها فيعطيه لغيرها إلى فراغ تمتعه وإلا إذا كان إرضاعها له يقذرها بحيث تنفر طباعه عنها فيما يظهر ، وله في الحر طلب أجرة رضاعها له والتبرع بها رضيت ، أو أبت ( وكذا غيره ) أي : غير ولدها فيجبرها على إرضاعها أيضا ( إن فضل ) لبنها ( عنه ) أي : عن ولدها لكثرته مثلا بخلاف ما إذا لم يفضل لقوله تعالى { لا تضار والدة بولدها } هذا إن كان ولدها ولده أو ملكه فإن كان ملك غيره ، أو حرا فله أن يرضعها من شاء ؛ لأن إرضاع هذا قوله أن له أخذ الأجرة لعل هنا سقطا أي وقال غيره مثلا وقوله بأن يخص ليس موجودا بنسخ الشرح التي بأيدينا فليحرر [ ص: 369 ] على بعضه أو مالكه ( و ) على ( فطمه قبل حولين إن لم يضره ) أو يضرها ذلك .

                                                                                                                              ( و ) على ( إرضاعه بعدهما إن لم يضرها ) أو يضره واقتصر في كل من القسمين على الأغلب فيه فلا يرد عليه ما زدته فيهما ، وليس لها الاستقلال بأحد هذين إذ لا حق لها في نفسها ( وللحرة ) الأم ، ويظهر أن يلحق بها من لها الحضانة من أمهاتها وأمهات الأب ( حق في التربية ) كالأب ( فليس لأحدهما ) أي : الأبوين الحرين ، ويظهر أن غيرهما عند فقدهما ممن له حضانة مثلهما في ذلك ( فطمه قبل حولين ) من غير رضا الآخر لأنهما تمام مدة الرضاع نعم إن تنازعا أجيب طالب الأصلح للولد كالفطم عند حمل الأم أو مرضها ، ولم يوجد غيرها فيتعين وكلامهم محمول على الغالب ذكره الأذرعي ( ولهما ) فطمه قبلهما ( إن لم يضره ) ولم يضرها لانتفاء المحذور ( ولأحدهما ) فطمه بغير رضا الآخر ( بعد حولين ) لمضي مدة الرضاع ولم يقيده بذلك نظرا للغالب إذ لو فرض إضرار الفطم له لضعف خلقته أو لشدة حر ، أو برد لزم الأب بذل أجرة الرضاع بعدهما حتى يجتزئ بالطعام ، وتجبر الأم على إرضاعه بالأجرة إن لم يوجد غيرها كما علم مما مر ( ولهما الزيادة ) في الرضاع على الحولين حيث لا ضرر لكن أفتى الحناطي بأنه يسن عدمها إلا لحاجة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إلا عند تمتعه بها إلخ ) قال في شرح الروض : وإلا إذا كان الولد حرا من غيره ، أو مملوكا لغيره فله منعها من إرضاعه ، ويسترضعها غيره ؛ لأن إرضاعه على والده ، أو مالكه نقله ابن الرفعة وغيره عن الماوردي وأقروه . ا هـ . ( قوله : وله في الحر إلخ ) كذا اقتصر في الروض وشرحه أيضا على الحر فهلا زاد والرقيق المملوك لغيره . ( قوله : هذا إن كان ولدها ولده ، أو ملكه إلخ ) هذا يوجب تقييد الولد في قوله السابق : على إرضاع ولدها بولده ، أو ملكه وحينئذ يشكل قوله السابق : وله في الحر إلخ ؛ لأن الحر حينئذ ليس إلا ولده ، ولا يتصور أن يطلب أجرة رضاعها لولده لا يقال : المراد بالحر فيما ذكر ولد غيره ؛ لأنا نقول : هذا لا يوافق أن الكلام في ولده ، أو ملكه الذي أفاده قوله : هنا هذا إن كان ولدها إلخ ، وإرادة غير ولده لا محل له حينئذ هنا فليتأمل .

                                                                                                                              والروض وغيره إنما ذكروا مسألة طلب الأجرة في الحر بعد فرضهم الكلام في أعم من ولده ، وملكه والله أعلم ، ويجاب بأن مراد الشارح بقوله : هذا إلخ تقييد الولد بالنسبة لقوله : وكذا غيره لا بالنسبة لما قبله أيضا فكأنه قال : المراد بالولد في قولنا وكذا غير ولدها ولده ، أو ملكه ، وإن كان فيما قبله عاما على ما تقرر فيه ( قوله : فله أن يرضعها من شاء ) غير اللبأ الذي لا يعيش إلا به م ر قال الزركشي : ولا أجرة له أن له أخذ الأجرة ، وإن وجب ذلك لأنها تؤخذ على الواجب ( قوله : فله أن يرضعها من شاء ) أي : وإن لم يفضل لبنها عن [ ص: 369 ] ولدها ( قوله : بأن يخص ) متعلق بيضره



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن : ويجبر ) ببناء الفاعل من أجبر . ا هـ . ع ش ( قوله : إن شاء ) إلى قول المتن : وتجوز مخارجته في النهاية إلا قوله : وإلا إذا كان إلى ، وله في الحر وقوله : بأن يخشى إلى وعليه إراحته وقوله : ويضربها لانتفاء المحذور وكذا في المغني إلا قوله : وله في الحر إلى المتن ، وقوله : ويظهر إلى المتن في موضعين ، وقوله : وأيده ابن الصلاح إلى قيده الأذرعي ( قوله : إلا عند تمتعه إلخ ) وإلا إذا كان الولد حرا من غيره ، أو مملوكا لغيره فله منعها من إرضاعه ويسترضعها غيره ؛ لأن إرضاعه على والده ، أو مالكه أسنى ونهاية ومغني ( قوله : وله في الحر ) أي : وفي الرقيق المملوك لغيره نهاية وسم ( قوله : بها ) الأولى التذكير كما في النهاية ( قوله : مثلا ) أي : أو لقلة شربه أو لاغتنائه بغير اللبن نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : هذا ) أي : قول المصنف وكذا غيره إلخ . ا هـ . سم ( قوله : فله أن يرضعها إلخ ) أي : أن يمنعها من إرضاعه غير اللبأ الذي لا يعيش إلا به ويسترضعها غيره نهاية قال الزركشي : ولا أجرة له والوجه أن له أخذ الأجرة وإن وجب ذلك سم وع ش ( قوله : من شاء ) أي : وإن لم يفضل لبنها عن ولدها . ا هـ . سم [ ص: 369 ] قوله : على بعضه ) أي : والده نهاية ومغني ( قول المتن إن لم يضره ) أي : الفطم الولد بأن اكتفى بغير لبنها . ا هـ . مغني ( قوله : أو يضرها ) عبارة المغني ولم يضرها أيضا . ا هـ . وهي أحسن وإن كان أو في سياق النفي تفيد العموم ( قوله : أو يضرها ذلك ) قد يستشكل تصوير ضررها إذ غاية ما يتخيل حصوله حبس اللبن ، ويمكن إخراجه بغير الرضاع . ا هـ . سيد عمر ولك أن تقول إن تكلف الإخراج بغير الرضاع كاف في الضرر ( قوله : أو يضره ) عبارة المغني والنهاية : ولم يضره أيضا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : واقتصر في كل إلخ ) وقد يتقابل الضرر إن بان كأن فطمه قبل الحولين يضره ، وإرضاعه حينئذ يضرها ، ولعل حكمه أن الأب يجب عليه إرضاعه لغيرها إن أمكن ، وإلا فلا يجب على الأم بل يفطم وإن لحقه الضرر . ا هـ . ع ش ( قوله : ما زدته فيهما ) أي : قوله أو يضرها في الأول ، وقوله : أو يضره في الثاني ( قوله : بأحد هذين ) عبارة النهاية مع ع ش بإرضاع أي : بعد الحولين ، ولا فطام أي : قبل الحولين ، أو بعدهما . ا هـ . ( قوله : ويظهر أن يلحق إلخ ) يغني عنه قوله : الآتي ويظهر أن غيرهما إلخ فالاقتصار عليه كما في النهاية أولى ( قوله : أجيب طالب الأصلح ) فإن لم يكن أحدهما أصلح بأن استويا أجيب طالب الرضاع كما هو ظاهر . ا هـ . سيد عمر أي : ونبه عليه النهاية والمغني ( قوله : وكلامهم إلخ ) عبارة المغني : وليس هذا مخالفا لقولهم : بل إطلاقهم محمول على الغالب . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولم يضرها ) فيه نظير ما مر من إشكال التصوير وأيضا فالفرض رضاها اللهم إلا أن يفرض أنه ضرر يبيح التيمم فإنه يمتنع عليها فعله وإن رضيت . ا هـ . سيد عمر وتقدم جواب الإشكال الأول ، ويؤيد الإشكال الثاني سكوت النهاية والمغني عما زاده الشارح هنا ( قوله : لانتفاء المحذور ) عبارة المغني لاتفاقهما ، وعدم الضرر بالطفل فإن ضره فلا . ا هـ . ( قوله : ولم يقيده بذلك ) أي : بعدم ضرره سيد عمر وكردي ( قوله : لضعف خلقته ) أي : لا يجتزئ بغير الرضاع . ا هـ . مغني ( قوله : لشدة حر ، أو برد ) فيجب على الأب إرضاعه في ذلك الفصل فإن فطامه فيه يفضي إلى الإضرار ، وذلك لا يجوز بخلاف تمامهما أي : الحولين في فصل معتدل . ا هـ . مغني ( قوله : وتجبر الأم إلخ ) أي : إن لم يضرها أخذا مما مر ( قوله : حيث لا ضرر ) استدراك على ما يوهمه الكلام السابق من استواء الأمرين . ا هـ . ع ش ( قوله : بأنه يسن عدمها ) أي : الزيادة اقتصارا على الوارد . ا هـ . ع ش أي : وخروجا من خلاف من حرمها كأبي حنيفة رحمه الله تعالى




                                                                                                                              الخدمات العلمية