الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( تنبيه ) علم مما تقرر هنا ومما سبق في شروط القود أمران لا يسلمان من إشكال فلنقررهما متعرضين لجوابهما

                                                                                                                              أحدهما أن تكليف القاتل إنما يعتبر حال القتل أي الإصابة وأنه لا عبرة بحاله عن مقدمة القتل كالرمي ولا بعده وخالفوا هذا في الشرط الآخر وهو التزامه الأحكام فحكوا فيه وجهين مطلقين أحدهما اعتباره حتى عند المقدمة فلو عصم عندها وحارب عند الإصابة أو عكسه فلا قود والثاني اعتباره عند الإصابة لا غير كسابقه ورجح بعضهم الأول وكأنه لمح في الفرق أن التزامه عند المقدمة لا يوجد ضده إلا بتقصير بأن يحارب فلم يعتبر هذا الطرو بخلاف التكليف فإن انتفاءه إن وجد يكون من غير تقصير منه في الأغلب فلم يكتف به حينئذ إذا انتفى عند الإصابة هذا غاية ما يتمحل به للفرق وفيه ما فيه والذي يتجه ترجيحه الثاني ؛ لأن الجامع بينهما أوضح إذ كل يترتب عليه الصيرورة من أهل المؤاخذة فكما [ ص: 412 ] اعتبر التكليف عند الإصابة لا غير فكذا الالتزام

                                                                                                                              ثانيهما علم من ذلك أيضا أن ما اعتبر في الجاني لا يرفعه طرو ضده بعد الإصابة بخلاف ما اعتبر في المجني عليه من العصمة والمكافأة وكان سر ذلك أن نقص الجاني أو كماله الطارئ لا يمنع قتله ؛ لأنه وقع بعد تمام قتله فلم يؤثر بخلاف نقص المجني عليه عن الجاني فإنه متى وقع أثر في مساواته للجاني فأثر طروه فلإلغاء النظر الأول لم ينظر لطروه بخلاف الثاني هذا وقولهم في التكليف عند القتل إنما يظهر في السبب والمباشرة الحسيين اللذين ليس لهما أجزاء متمايزة أما نحو التجويع وشهادة الزور والسحر فهل تعتبر المقارنة من أول التجويع إلى الزهوق والشهادة إلى تمام الحجة حتى لو شهد أحدهما وهو مكلف ثم الآخر وهو غير مكلف لا قود أو يعتبر التكليف عند الشهادة الثانية فقط والأولى تعطى حكم المقدمة ومن أول عمل السحر إلى الموت به أو لا يعتبر إلا عند خروج الروح إعطاء لجميع ما تقدم على ذلك حكم المقدمة للنظر في ذلك مجال ولم أر من أشار لشيء من هذا كسابقه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              [ ص: 411 ] قوله : فلنقررهما ) أي الأمرين وقوله لجوابهما أي إشكالي الأمرين ( قوله : هذا ) أي اعتبار حال الإصابة فقط في شرط تكليف القاتل ( قوله : وهو ) أي الشرط الآخر التزامه أي القاتل ( قوله : اعتباره ) أي التزام الأحكام ( قوله : كسابقه ) وهو شرط التكليف ( قوله : في الفرق ) أي بين شرط التكليف وشرط الالتزام ( قوله : أن التزامه ) أي إلى أن إلخ ( قوله : ترجيح الثاني ) أي اعتبار التزام الأحكام عند الإصابة لا غير ( قوله : بينهما ) أي التكليف والالتزام وقوله إذ كل أي من التكليف والالتزام [ ص: 412 ] قوله : علم من ذلك أيضا ) لا حاجة إليه ( قوله : وكان سر ذلك إلخ ) محل تأمل ( قوله : لأنه ) أي النقص أو الكمال ( قوله : فلم يؤثر ) أي طرو نقص الجاني أو كماله ( قوله : فأثر طروه ) أي نقص المجني عليه ( قوله النظر الأول ) يعني به أنه متى وقع نقص الجاني أو كماله أثر في مساواته للمجني عليه وقوله لطروه أي نقص الجاني أو كماله ( قوله : بخلاف الثاني ) أي متى وقع نقص المجني عليه أثر في مساواته للجاني ( قوله : في التكليف ) صلة قولهم وقوله عند القتل مقوله وقوله إنما يظهر إلخ خبره ( قوله : أما نحو التجويع ) أي من الأسباب العرفية وشهادة الزور أي من الأسباب الشرعية والسحر أي من المباشرة العرفية ( قوله : والشهادة ) عطف على التجويع ( قوله : وهو غير مكلف ) أي الشاهد الأول ( قوله : ومن أول عمل السحر إلخ ) عطف على قوله من أول التجويع إلخ ( قوله : كسابقه ) أي من الإشكالين وجوابهما .




                                                                                                                              الخدمات العلمية