الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال لزوجتيه : إحداكما طالق وقصد معينة ) منهما ( طلقت ) ؛ لأن اللفظ صالح لكل منهما [ ص: 72 ] ( وإلا ) يقصد معينة بل أطلق أو قصد مبهمة أو طلاقهما معا كما يأتي وصرح به العبادي ، وهو مراد الإمام بقوله : لا يطلقان ( فإحداهما ) يقع عليها الطلاق مع إبهامها ( ويلزمه البيان في الحالة الأولى والتعيين في الثانية ) لتعلم المطلقة فيترتب عليها أحكام الفراق ( ويعزلان عنه إلى البيان أو التعيين ) لاختلاط المحرمة بالمباحة ( وعليه البدار بهما ) أي بالبيان أو التعيين إن طلبتاه أو إحداهما لرفع حبسه المفارقة منهما فإن أخر بلا عذر أثم وعزر إن امتنع ، وإن نازع فيه البلقيني هذا في البائن أما الرجعي فلا يجب فيه بيان ، ولا تعيين ما بقيت العدة ؛ لأن الرجعية زوجة أما إذا لم يطالباه قال ابن الرفعة فلا وجه لإيجابه ؛ لأنه حقهما وحق الله تعالى فيه الانعزال ، وقد أوجبناه ، وهو متجه المدرك لكن صريح كلامهم خلافه ويوجه بأن بقاءهما عنده ربما أوقعه في محذور لتشوف نفس كل إلى الآخر نظير ما مر في الصداق في تعليم المطلقة قبل الدخول وعليه لو استمهل أمهل ثلاثة أيام على الأوجه ( و ) عليه ( نفقتهما ) وسائر مؤنهما ( في الحال ) فلا يؤخر إلى التعيين أو البيان لحبسهما عنده حبس الزوجات ، وإن لم يقصر في تأخير ذلك ، وإذا بين أو عين لم يسترد منهما شيئا وبقولي فلا إلى آخره علم الجواب عن قول شارح لم أفهم ما أراد بالحال

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 72 ] في المتن : وإلا فإحداهما ) قال في العباب : خاتمة من حلف بالطلاق وحنث ، وله زوجات طلقت إحداهن ثلاثا فليعينها ، وليس له إيقاع طلقة فقط على كل واحدة لاقتضاء يمينه البينونة الكبرى ا هـ أي : وليس له أيضا إيقاع طلقتين على واحدة وأخرى على واحدة فلو كانت إحدى زوجاته لا يملك عليها إلا واحدة فالوجه جواز تعيينها للطلاق الثلاث فيقع عليها واحدة ، وتبين بها ويلغو الباقي ولو ماتت إحداهن أو بانت قبل التعيين فالوجه جواز تعيينها للثلاث ؛ لأن الطلاق يقع من حين اللفظ فيتبين بينونتها قبل الموت والبينونة فلو علق الثلاث لإحدى زوجاته أي كإن جاء زيد فإحدى زوجاتي طالق ثلاثا بصفة ووجدت فالوجه وفاقا لما استقر عليه رأي شيخنا الشهاب الرملي في فتاويه : جواز تعيين الميتة والمبانة إن كان موتها أو إبانتها بعد وجود الصفة لا قبلها ولو حلف بطلقتين كأن قال : علي الطلاق طلقتين ما أفعل كذا وحنث ، وله زوجات يملك على كل طلقتين فالوجه أنه لا يتعين أن يعين إحداهما بل له توزيع الطلقتين على اثنتين ؛ لأن يمينه في ذاتها لا تقتضي البينونة الكبرى ، وإن اتفق هنا بحسب الواقع أنه لو أوقع الطلقتين على واحدة حصلت البينونة الكبرى تأمل وتقدم في أواخر فصل خطاب الأجنبية جواز تعيين إحدى الزوجات للحلف قبل الحنث ، وأنه يلزم التعيين ويمتنع الرجوع عن المعينة ووقع السؤال عمن قال علي الطلاق ثلاثا إن فعلت كذا فأنت طالق واحدة ففعلت كذا ، والذي يظهر وقوع واحدة ؛ لأنها المعلقة ، وقوله : علي الطلاق لتأكيد هذا التعليق ثم رأيت م ر وافق على وقوع واحدة

                                                                                                                              ( فرع ) حلف وحنث ثم شك هل حلف بالطلاق أو بالله أفتى شيخنا الشهاب الرملي بأنه يجتنب زوجاته إلى تبين الحال ، ولا نحكم بطلاقها بالشك ا هـ وظاهره وجوب الاجتناب احتياطا ، ويؤيده أنه في مسألة المتن ، وهي ما لو طلق إحداهما ، ولم يقصد معينة يجب اجتناب الواحدة منهما بخصوصها مع عدم تعينها للحنث ، ويستفاد من قوله : ولا نحكم بطلاقها امتناع تزوجها ، ولا يبعد وجوب الاجتهاد عليه ، وكذا المبادرة به إن كان الطلاق بائنا كما في مسألة المتن المذكورة م ر ، وقد يفرق بتحقق صدق اليمين بها

                                                                                                                              ( قوله : ويوجه إلخ ) هذا التوجيه لا يأتي فيما إذا لم يكن هناك خلوة كأن كانت في غير داره أو بلده ويمكن أن [ ص: 73 ] يوجه بأن إمساك الأجنبية إمساك الزوجات أي إمساكا مثل إمساك الزوجات ممتنع ، ولا يتميز إمساكها عن إمساك الزوجات إلا بالبيان أو التعيين ، وإلا فإمساك الزوجات منسحب عليها



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : لأن اللفظ صالح ) إلى قوله فإن قلت : في النهاية إلا قوله : وإن نازع فيه [ ص: 72 ] البلقيني ، وكذا في المغني إلا قوله وصرح به العبادي ، وقوله : قال ابن الرفعة ، وقوله : وهو متجه المدرك إلى وعليه لو استمهل

                                                                                                                              ( قوله : كما يأتي ) أي قبيل قول المتن ، ولو ماتتا

                                                                                                                              ( قوله : بقوله لا يطلقان ) عبارة النهاية والمغني قبيل قول المتن الآتي ولو ماتتا قال أي الإمام فإن نواهما فالوجه أنهما لا تطلقان ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن في الحالة الأولى ) هي قصد واحدة معينة ، وقوله : في الثانية هي الصور المندرجة في قوله : وإلا ( قول المتن وتعزلان ) بمثناة فوقية بخطه فالضمير لزوجتيه ا هـ مغني

                                                                                                                              ( قوله : إن طلبتاه إلخ ) ضعيف ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : إن طلبتاه ) أي البيان أو التعيين أي عند النهاية والشارح وخالفهما المغني ومال إليه سم والسيد عمر كما يأتي

                                                                                                                              ( قوله : هذا ) أي قول المتن ، ويلزمه البيان إلخ

                                                                                                                              ( قوله : ما بقيت العدة ) فإن انقضت لزمه في الحال نهاية ومغني

                                                                                                                              ( قوله : أما إذا لم يطالباه ) أي : ولا إحداهما ا هـ مغني

                                                                                                                              ( قوله : لم يطالباه ) الظاهر تأنيث الفعل كما في النهاية والمغني

                                                                                                                              ( قوله : فلا وجه لإيجابه إلخ ) جزم به المغني ( قوله لإيجابه ) أي البيان أو التعيين ويحتمل أن الضمير للبدار

                                                                                                                              ( قوله : لكن صريح كلامهم خلافه ) أي فيجب البيان أو التعيين في البائن حالا ، وفي الرجعي بعد انقضاء العدة على المعتمد ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : ويوجه إلخ ) هذا التوجيه لا يأتي فيما إذا لم يكن هناك خلوة كأن كانت في غير داره أو بلده ا هـ سم عبارة السيد عمر لا يخفى ما في هذا التوجيه فإن ما ذكره منتف مع وجوب الانعزال ، والفرق بينه وبين ما نظر به واضح جلي ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : قبل الدخول ) الأولى حذفه ( قوله : وعليه لو استمهل إلخ ) أي على وجوب البيان أو التعيين فورا وجد الطلب منهما أو من أحدهما أم لا قال ع ش قوله : وعليه لو استمهل إلخ قضيته أنه لو استمهل لم يمهل فيما لو طالبتاه أو إحداهما ، وينبغي إمهاله أيضا حيث أبدى عذرا ا هـ وفيه تأمل ( قوله على الأوجه ) عبارة المغني والأسنى قال الإسنوي وقضية ذلك أنه لو استمهل لم يمهل وقال ابن الرفعة يمهل ويمكن حمل الأول على ما إذا عين ، ولم يدع نسيانا ؛ إذ لا وجه للإمهال حينئذ والثاني على ما إذا أبهم أو عين وادعى أنه نسي ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : وإن لم يقصر إلخ ) كأن كان جاهلا أو ناسيا ا هـ مغني ( قوله : عن قول شارح ) [ ص: 73 ] وهو ابن النقيب ا هـ مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية