الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويهودي ونصراني ) له أمان وتحل مناكحته ( ثلث ) دية ( مسلم ) نفسا وغيرها لقضاء عمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما به ، ولم ينكر مع انتشاره فكان إجماعا قوله فينبغي لكن هكذا في النسخ فليحرر . ا هـ من هامش الأصل [ ص: 457 ] وفيه تأويل أورد الماوردي أنه على النصف أما من لا أمان له فهدر وأما من لا تحل مناكحته فديته كدية مجوسي ( ومجوسي ) له أمان ( ثلثا عشر ) وثلث خمس إنما هو أنسب في اصطلاح أهل الحساب لإيثارهم الأخصر لا الفقهاء فلا اعتراض دية ( مسلم ) وهي ستة أبعرة وثلثان لقضاء عمر به أيضا كما ذكر ولأن للذمي بالنسبة للمجوسي خمس فضائل كتاب ودين كان حقا وحل ذبيحته ومناكحته وتقريره بالجزية وليس للمجوسي منها إلا آخرها فكان فيه خمس ديته وهذه أخس الديات ( وكذا وثني ) أي عابد وثن ، وهو الصنم من حجر وغيره وقيل من غيره فقط وكذا عابد نحو شمس وزنديق وغيرهم ممن ( له أمان ) منا لنحو دخوله رسولا كالمجوسي ودية نساء كل وخناثاهم على النصف من رجالهم ويراعى هنا التغليظ وضده كما مر والمتولد بين كتابي ونحو مجوسي يلحق بالكتابي أبا كان ، أو أما واستشكل بما مر في الخنثى من اعتباره أنثى ؛ لأنه المتيقن ويجاب بأنه لا موجب فيه يقينا بوجه يلحقه بالرجل وهنا فيه موجب يقينا يلحقه بالأشرف ولا نظر لما فيه مما يلحقه بالأخس ؛ لأن الأول أقوى بكون الولد يلحق أشرف أبويه غالبا ( والمذهب أن من لم تبلغه دعوة ) نبينا صلى الله عليه وسلم إلى ( الإسلام إن تمسك بدين لم يبدل فدية ) نفسه وغيرها دية ( دينه ) الذي هو نصرانية ، أو تمجس مثلا من ثلث دية ، أو ثلث خمسها ؛ لأنه بذلك ثبت له نوع عصمة فألحق بالمؤمن من أهل دينه ( وإلا ) يتمسك بدين كذلك ، أو جهل دينه أو واجبه ، أو شك هل بلغته دعوة نبي ، أو لا [ ص: 458 ] على الأوجه فيهما ؛ لأن الأصل العصمة إذ { كل مولود يولد على الفطرة } فقول الأذرعي الأشبه بالمذهب في الأخيرة عدم الضمان مردود ( فكمجوسي ) ففيه دية مجوسي .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قول المتن إن تمسك بدين لم يبدل ) فيه أمور : منها أنه لا يخفى أن التبديل غير النسخ وقد يغفل فيتوهم أنه هو فيستشكل وجود هذا القسم إذ كل دين ينسخ ببعثة نبينا - عليه أفضل الصلاة والسلام - ويتكلف تصويره بمن تمسك قبل البعثة وبقي إليها ومع ملاحظة تغايرهما لا إشكال ومنها أنه هل يكفي في عدم التبديل عدم تبديل الأصول فيه نظر ، ولا يبعد الاكتفاء آخرا من إلحاق السامرة والصابئة باليهود والنصارى في حل النكاح حيث وافقوهم في أصل دينهم ، وإن خالفوهم في الفروع ومنها أنه هل يشترط في التبديل تبديل الجميع أم لا فيه نظر وقد يلحق الأكثر بالجميع ومنها أنه هل يلحق بالتمسك بما لم يبدل التمسك بذلك الدين مع اجتناب المبدل ؟ فيه نظر ولا يبعد الإلحاق أخذا من نظيره في حل نكاح الكتابيات ومنها ظاهر عبارتهم اعتبار تمسكه بنفسه دون تمسك آبائه أي أول أصوله ويحتمل إلحاقه بنظيره من النكاح فيعتبر تمسك أول أصوله فليتأمل ( قول المتن فدية دينه ) أي الدية التي نوجبها نحن في أهل دينه لا الدية التي يوجبها دينه في القتيل كما قد يتوهم إذ لا عبرة بإيجاب دينهم .

                                                                                                                              ( قوله أو واجبه ) قد يستشكل جهل الواجب مع معرفة دينه كما هو مقتضى هذا الصنيع إلا أن يصور بنحو أن يعلم أنه نصراني ، ولا يعلم هل واجبه الثلث ؛ لأنه ممن تحل مناكحته أو ثلث خمس ؛ لأنه ممن لا تحل مناكحته ، أو أن يعلم أنه نصراني ولا يعلم أذكر هو ، أو أنثى لنحو ظلمة مع فقده بعد القتل ( قوله أو شك هل بلغته إلخ ) فرض هذا التردد المشار إليه [ ص: 458 ] بقوله على الأوجه وقوله فقول الأذرعي إلخ في صورة الشك المذكور يقتضي أنه لو تحقق أنه لم تبلغه دعوة نبي جزم بأنه لا ضمان إذ لو كان حينئذ يضمن لم يكن للتردد حال الشك معنى لضمانه بكل حال على ذلك التقدير وهذا يقتضي أمرين الأول تقييد قول المصنف والمذهب أن من لم تبلغه دعوة نبينا بما إذا بلغته دعوة غيره ، والثاني أن ما ذكره هنا على هذا الذي قررناه يخالف ما ذكره في فصل الغنيمة من باب قسم الفيء ، والغنيمة مما حاصله أن من لم تبلغه دعوة نبي مضمون مطلقا خلافا للأذرعي حيث قال وكذا من لم تبلغه الدعوة أصلا أي بالنسبة لنبينا صلى الله عليه وسلم إن تمسك بدين حق أي المال الحاصل منه يرد عليه ككل حاصل من الذميين يرد إليهم وإلا فهو كحربي على ما قاله الأذرعي ويرده ما يأتي في الديات من وجوب دية مجوسي في قتله ، وهو صريح في عصمته فالوجه أنه كالذمي . ا هـ فإن حاصل ذلك كما ترى أنه معصوم سواء تمسك بدين حق أو لا فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وتحل مناكحته ) هذا يفيد أن غالب أهل الذمة الآن إنما يضمنون بدية المجوسي ؛ لأن شرط المناكحة أي وهو أن يعلم دخول أول آبائه في ذلك الدين قبل النسخ والتحريف في غير الإسرائيلي لا يكاد يوجد والله أعلم سم على المنهج ع ش ويأتي عن المغني ما يوافقه ( قول المتن ثلث مسلم ) ففي قتل عمد أو شبه عمد عشر حقاق وعشر جذعات وثلاثة عشر خلفة وثلث وفي قتل خطأ لم يغلظ ستة وثلثان من كل من بنات المخاض وبنات اللبون وبني اللبون والحقاق والجذاع وقال أبو حنيفة دية مسلم وقال مالك نصفها وقال أحمد إن قتل عمدا فدية مسلم ، أو خطأ فنصفها .

                                                                                                                              ( تنبيه ) السامرة كاليهودي والصابئة كالنصراني إن لم يكفرهما أهل [ ص: 457 ] ملتهما وإلا فكمن لا كتاب له مغني ( قوله وفيه إلخ ) أي في ذلك القضاء ( قول المتن ثلثا عشر مسلم ) ففيه عند التغليظ حقتان وجذعتان وخلفتان وثلثا خلفة وعند التخفيف بعير وثلث من كل سن مغني ( قوله وثلث خمس إنما هو أنسب إلخ ) مبتدأ وخبر ( قوله لا الفقهاء ) فيه ما لا يخفى ولذا أقر المغني الاعتراض فقال .

                                                                                                                              ( تنبيه ) قوله ثلثا عشر أولى من ثلث خمس ؛ لأن في الثلثين تكريرا وأيضا فهو الموافق لتصويب أهل الحساب له لكونه أخصر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولأن للذمي ) صوابه ولأن لليهودي وللنصراني رشيدي أي كما عبر به المغني ( قوله وهذه ) دية المجوسي ( قوله أي عابد وثن ) إلى قوله واستشكل في المغني ( قوله وغيره ) كنحاس وحديد مغني ( قوله وزنديق ) ، وهو من لا ينتحل دينا مغني ( قوله كالمجوسي ) بدل من كذا في المتن وفي الشرح وقوله كما مر أي قبيل قول المصنف والخطأ إلخ ( قوله وهنا موجب يقينا ) ، وهو ولادة الأشرف سم ع ش ( قول المتن إن تمسك بدين لم يبدل ) ففيه أمور منها أنه لا يخفى أن التبديل غير النسخ ، ومنها أنه هل يكفي في عدم التبديل عدم تبديل الأصول ، فيه نظر ولا يبعد الاكتفاء أخذا من إلحاق السامرة والصابئة باليهود والنصارى في حل النكاح حيث وافقوهم في أصل دينهم ، وإن خالفوهم في الفروع ومنها هل يشترط في التبديل تبديل الجميع أم لا ؟ فيه نظر وقد يلحق الأكثر بالجميع ومنها هل يلحق بالتمسك بما لم يبدل التمسك بذلك الدين مع اجتناب المبدل فيه نظر ولا يبعد الإلحاق أخذا من نظيره في حل نكاح الكتابيات ومنها ظاهر عبارتهم اعتبار تمسكه بنفسه دون تمسك آبائه أي أول أصوله ويحتمل إلحاقه بنظيره في النكاح فيعتبر تمسك أول أصوله فليتأمل سم ، وعبارة ع ش ويحتمل أن المراد تمسك به من ينسب إليه قبل تبديله كما قيل بمثله في حل المناكحة والذبيحة . ا هـ

                                                                                                                              ( قول المتن فدية دينه ) أي الدية التي نوجبها نحن في أهل دينه لا الدية التي يوجبها دينه في القتل كما قد يتوهم إذ لا عبرة بما يوجبه دينهم سم ( قوله ؛ لأنه بذلك ثبت له نوع عصمة ) أي ويكتفي بذلك ولا يشترط فيه أمان منا رشيدي ( قوله وإلا يتمسك بدين كذلك ) بأن تمسك بما بدل من دين أو لم يتمسك بشيء بأن لم تبلغه دعوة نبي أصلا نهاية ومغني انظر وجه هذا الحصر وهلا كان محله ما إذا بلغته دعوة نبي إلا أنه لم يتمسك بدينه رشيدي ( قوله أو جهل دينه ) بأن علمنا تمسكه بدين حق ، ولم نعلم عينه زيادي ( قوله أو واجبه ) قد يشكل جهل الواجب مع معرفة دينه كما هو مقتضى هذا الصنيع إلا أن [ ص: 458 ] يصور بنحو أن يعلم أنه نصراني ، ولا يعلم هل واجبه الثلث ؛ لأنه ممن تحل مناكحته أو ثلث خمس ؛ لأنه ممن لا تحل مناكحته ، أو يعلم أنه نصراني ، ولا نعلم أذكر هو ، أو أنثى لنحو ظلمة مع فقده بعد القتل سم ( قوله على الأوجه فيهما ) وفاقا لشيخ الإسلام والمغني وخلافا في الأخيرة للنهاية ( قوله فقول الأذرعي إلخ ) وافقه النهاية كما مر آنفا ( قول المتن فكمجوسي ) قال الزركشي وعلى المذهب يجب فيمن تمسك الآن باليهودية أو النصرانية دية مجوسي ؛ لأنه لحقه التبديل . ا هـ أي إذا لم تحل مناكحتهم ( تتمة ) لا يجوز قتل من لم تبلغه الدعوة ويقتص لمن أسلم بدار الحرب ، ولم يهاجر منها بعد إسلامه وإن تمكن ؛ لأن العصمة بالإسلام مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية