وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 468 - وقد ترك قوم الاقتداء، وقاسوا صفات الله بعقولهم فضلوا، وأضلوا، فمن مقالتهم أن قالوا بعقولهم الناقصة، ومقاييسهم الباطلة: كما أن الله تعالى ليس في الدنيا فكذلك صفاته ليست في الدنيا، يعنون أن المصاحف ليس فيها قرآن وأن القرآن الذي نكتبه إنما هو مداد نسود به بياضا. "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"
وقالوا كما أن الله تعالى ليس في قلوبنا فكذلك صفته ليست في قلوبنا يريدون أن ليس بموجود في الصدور، وأن الذي نقرأه ليس بقرآن إنما هو عبارة، وحكاية. ومن قال هذا، فقد صرح بأن القرآن غير منزل.
ومذهب أهل السنة وهي حركات الألسنة كلاما غير مخلوق، وكذلك يظهر من حبر مخلوق وكاغد مخلوق، وأقلام مخلوقة، وكلاما غير مخلوق بلا كيف. أن الله تعالى أظهر للسامعين من ألسنة مخلوقة، وأفعال مخلوقة،
وقالوا: إنا نسمع تارة صوتا طيبا، وتارة صوتا غير طيب، وتارة رفيعا، وتارة غير رفيع. يقال لهم: إن الله قد أظهر من الألسنة [ ص: 447 ] المخلوقة والحركات المخلوقة قرآنا غير مخلوق، وكذلك أظهر من المداد المخلوق، والأفعال المخلوقة كلاما غير مخلوق بلا كيف، والله تعالى يظهر صفاته من حيث يشاء، كيف يشاء على ما يشاء، وقد قال الله عز وجل: وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم . وقال: وأوحي إلي هذا القرآن . وقال: هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق وهذا إشارة إلى حاضر. فأخبر أن النطق يصح من الكتاب بلا ناطق، والناطق به ربنا عز وجل بلا كيفية،