( باب ما جاء في
nindex.php?page=treesubj&link=31087صفة إزار رسول الله صلى الله عليه وسلم )
الإزار بالكسر الملحفة ، ويؤنث كذا في القاموس ، والمراد هنا ما يستر أسفل البدن ، ويقابله الرداء ، وهو ما يستر أعلى البدن ، ولعل حذفه في العنوان من باب الاكتفاء ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سرابيل تقيكم الحر أي : والبرد ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في الوفاء بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، قال :
كان طول رداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أذرع ، وعرضه ذراعين ونصفا ، ونقل
ابن القيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي أن رداء رسول الله صلى الله عليه وسلم برد طوله ستة أذرع في ثلاثة أذرع وشبر ، وإزاره من نسج عمان طوله أربعة أذرع وشبر في ذراعين .
( حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12289أحمد بن منيع حدثنا
إسماعيل بن إبراهيم حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب ) أي : السختياني ( عن
nindex.php?page=showalam&ids=15771حميد بن هلال ) روى عنه الستة ( عن
أبي بردة ) قيل : اسمه
عامر وهو تابعي كوفي ، كان على قضاء
الكوفة بعد
شريح ، فعزله
الحجاج وهو جد
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبي الحسن الأشعري الإمام في الكلام ، وفي أصل
العصام عن أبيه أي
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري الصحابي المشهور ، قال : وفي أكثر الأصول ليس فيه عن أبيه وبذلك لا يصير الحديث مرسلا لأن
أبا بردة كما أنه يروي عن أبيه يروي عن
عائشة انتهى . وفيه أنه غير موجود في أصلنا المقابل بأصل السيد
ميرك شاه وغيره ، وكذا في سائر النسخ الحاضرة ، مع أن وجوده لو صح لوجب أن يصير الحديث منقطعا إلا إن ثبت أنه سمعه من
عائشة أيضا ، وإلا فمجرد روايته عنها لا يجعل الحديث متصلا ، كما حقق في الأصول ( قال ) أي
أبو بردة ( أخرجت إلينا
عائشة ) أي إما بنفسها أو بأمرها ( كساء ) بكسر الكاف ثوب معروف على ما في القاموس ، والمراد هنا رداء ( ملبدا ) بتشديد الموحدة المفتوحة أي مرقعا ، يقال : لبدت الثوب إذا رقعته وقيل : التلبيد جعل بعضه ملتزقا ببعض كأنه زال وطاءته ولينه ، لتراكم بعضه على بعض ; ولذا قال
الحنفي في معناه أي مرقعا صار كاللبد واستبعده
العصام ، وقال : إنه أبعد ، مع أن قوله أقرب ، ففي شرح
مسلم للنووي : الملبد المرقع ، وقيل : هو الذي ثخن وسطه حتى صار كاللبد ، وقال
العسقلاني : قال
ثعلب : يقال للرقعة التي يرقع بها القميص لبدة ، وقال غيره : هي التي يضرب بعضها في بعض حتى يتراكب ويجتمع ، وقال
الجزري : الظاهر أن المراد باللبد هنا الذي ثخن وسطه ، وصفق لكونه كساء ، لم يكن قميصا كذا ذكره
ميرك شاه ( وإزارا غليظا ) أي خشنا ( فقالت ) أي دفعا لتوهم أن هذا اللبس كان في أول أمره قبل أن
[ ص: 211 ] يوسع الله عليه بفتحه ونصره ( قبض ) بصيغة المجهول والقابض معلوم أي أخذ ( روح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين ) أي تواضعا وانكسارا وعبودية وافتقارا ، وإجابة لدعائه مرارا اللهم أحيني مسكينا ، وأمتني مسكينا ، وهذا الحديث أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا ، وفي رواية "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345159إزارا غليظا " ، مما يصنع
باليمن ، وكساء من هذه التي تدعونه الملبدة ، وهذه الرواية تفيد معنى ثالثا لـ " ملبدا " ، وهو أنه صفة كاشفة لكساء ، وأن التلبيد في أصل النسج دون الترقيع ، مع أنه لا منع من الجمع ، قال
النووي : هذا الحديث وأمثاله يبين ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الزهادة في الدنيا ولذاتها ، والإعراض عن أعراضها وشهواتها ، حيث اختار لبسهما ، واجتزأ بما يحصل منه أدنى الكفاية بهما ، انتهى .
وفيه دليل على أن الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر ، ويرد على من قال أنه صلى الله عليه وسلم صار غنيا في آخر عمره ، ونهاية أمره ، نعم . ظهر له الملك والغنى ، ولكن اختار الفقر والفناء ; ليكون متبعا لجمهور الأنبياء ، ومتبعا لخلاصة الأولياء والأصفياء .
( بَابُ مَا جَاءَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31087صِفَةِ إِزَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
الْإِزَارُ بِالْكَسْرِ الْمِلْحَفَةُ ، وَيُؤَنَّثُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَسْتُرُ أَسْفَلَ الْبَدَنِ ، وَيُقَابِلُهُ الرِّدَاءُ ، وَهُوَ مَا يَسْتُرُ أَعْلَى الْبَدَنِ ، وَلَعَلَّ حَذْفَهُ فِي الْعُنْوَانِ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ أَيْ : وَالْبَرْدَ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْوَفَاءِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ :
كَانَ طُولُ رِدَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ ، وَعَرْضُهُ ذِرَاعَيْنِ وَنِصْفًا ، وَنَقَلَ
ابْنُ الْقَيِّمِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15472الْوَاقِدِيِّ أَنَّ رِدَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُرْدٌ طُولُهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فِي ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَشِبْرٍ ، وَإِزَارُهُ مِنْ نَسْجِ عُمَانَ طُولُهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ فِي ذِرَاعَيْنِ .
( حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12289أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12341أَيُّوبُ ) أَيِ : السِّخْتِيَانِيُّ ( عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15771حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ) رَوَى عَنْهُ السِّتَّةُ ( عَنْ
أَبِي بُرْدَةَ ) قِيلَ : اسْمُهُ
عَامِرٌ وَهُوَ تَابِعِيٌّ كُوفِيٌّ ، كَانَ عَلَى قَضَاءِ
الْكُوفَةِ بَعْدَ
شُرَيْحٍ ، فَعَزَلَهُ
الْحَجَّاجُ وَهُوَ جَدُّ
nindex.php?page=showalam&ids=13711أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ الْإِمَامِ فِي الْكَلَامِ ، وَفِي أَصْلِ
الْعِصَامِ عَنْ أَبِيهِ أَيْ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ ، قَالَ : وَفِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ لَيْسَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَبِذَلِكَ لَا يَصِيرُ الْحَدِيثُ مُرْسَلًا لِأَنَّ
أَبَا بُرْدَةَ كَمَا أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ يَرْوِي عَنْ
عَائِشَةَ انْتَهَى . وَفِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي أَصْلِنَا الْمُقَابَلِ بِأَصْلِ السَّيِّدِ
مِيرَكْ شَاهْ وَغَيْرِهِ ، وَكَذَا فِي سَائِرِ النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ ، مَعَ أَنَّ وُجُودَهُ لَوْ صَحَّ لَوَجَبَ أَنْ يَصِيرَ الْحَدِيثُ مُنْقَطِعًا إِلَّا إِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ
عَائِشَةَ أَيْضًا ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ رِوَايَتِهِ عَنْهَا لَا يَجْعَلُ الْحَدِيثَ مُتَّصِلًا ، كَمَا حُقِّقَ فِي الْأُصُولِ ( قَالَ ) أَيْ
أَبُو بُرْدَةَ ( أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا
عَائِشَةُ ) أَيْ إِمَّا بِنَفْسِهَا أَوْ بِأَمْرِهَا ( كِسَاءً ) بِكَسْرِ الْكَافِ ثَوْبٌ مَعْرُوفٌ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ ، وَالْمُرَادُ هُنَا رِدَاءٌ ( مُلَبَّدًا ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ مُرَقَّعًا ، يُقَالُ : لَبَّدْتُ الثَّوْبَ إِذَا رَقَعْتَهُ وَقِيلَ : التَّلْبِيدُ جَعْلُ بَعْضِهِ مُلْتَزِقًا بِبَعْضٍ كَأَنَّهُ زَالَ وَطَاءَتُهُ وَلِينُهُ ، لِتَرَاكُمِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ ; وَلِذَا قَالَ
الْحَنَفِيُّ فِي مَعْنَاهُ أَيْ مُرَقَّعًا صَارَ كَاللُّبْدِ وَاسْتَبْعَدَهُ
الْعِصَامُ ، وَقَالَ : إِنَّهُ أَبْعَدُ ، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ أَقْرَبُ ، فَفِي شَرْحِ
مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ : الْمُلَبَّدُ الْمُرَقَّعُ ، وَقِيلَ : هُوَ الَّذِي ثَخُنَ وَسَطُهُ حَتَّى صَارَ كَاللُّبَدِ ، وَقَالَ
الْعَسْقَلَانِيُّ : قَالَ
ثَعْلَبٌ : يُقَالُ لِلرُّقْعَةِ الَّتِي يُرَقَّعُ بِهَا الْقَمِيصُ لُبْدَةٌ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : هِيَ الَّتِي يُضْرَبُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ حَتَّى يَتَرَاكَبَ وَيَجْتَمِعَ ، وَقَالَ
الْجَزَرِيُّ : الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّبَدِ هُنَا الَّذِي ثَخُنَ وَسَطُهُ ، وَصُفِقَ لِكَوْنِهِ كِسَاءً ، لَمْ يَكُنْ قَمِيصًا كَذَا ذَكَرَهُ
مِيرَكْ شَاهْ ( وَإِزَارًا غَلِيظًا ) أَيْ خَشِنًا ( فَقَالَتْ ) أَيْ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ هَذَا اللُّبْسَ كَانَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ قَبْلَ أَنْ
[ ص: 211 ] يُوَسِّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِفَتْحِهِ وَنَصْرِهِ ( قُبِضَ ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَالْقَابِضُ مَعْلُومٌ أَيْ أُخِذَ ( رُوحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَيْنِ ) أَيْ تَوَاضُعًا وَانْكِسَارًا وَعُبُودِيَّةً وَافْتِقَارًا ، وَإِجَابَةً لِدُعَائِهِ مِرَارًا اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا ، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ أَيْضًا ، وَفِي رِوَايَةٍ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345159إِزَارًا غَلِيظًا " ، مِمَّا يُصْنَعُ
بِالْيَمَنِ ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الَّتِي تَدْعُونَهُ الْمُلَبَّدَةَ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُفِيدُ مَعْنًى ثَالِثًا لِـ " مُلَبَّدًا " ، وَهُوَ أَنَّهُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِكِسَاءٍ ، وَأَنَّ التَّلْبِيدَ فِي أَصْلِ النَّسْجِ دُونَ التَّرْقِيعِ ، مَعَ أَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنَ الْجَمْعِ ، قَالَ
النَّوَوِيُّ : هَذَا الْحَدِيثُ وَأَمْثَالُهُ يُبَيِّنُ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْ أَعْرَاضِهَا وَشَهَوَاتِهَا ، حَيْثُ اخْتَارَ لُبْسَهُمَا ، وَاجْتَزَأَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ أَدْنَى الْكِفَايَةِ بِهِمَا ، انْتَهَى .
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ الصَّابِرَ أَفْضَلُ مِنَ الْغَنِيِّ الشَّاكِرِ ، وَيَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَارَ غَنِيًّا فِي آخِرِ عُمْرِهِ ، وَنِهَايَةِ أَمْرِهِ ، نَعَمْ . ظَهَرَ لَهُ الْمُلْكُ وَالْغِنَى ، وَلَكِنِ اخْتَارَ الْفَقْرَ وَالْفَنَاءَ ; لِيَكُونَ مُتَّبِعًا لِجُمْهُورِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَمُتَّبِعًا لِخُلَاصَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَصْفِيَاءِ .