الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا حميد ) : بالتصغير . ( بن عبد الرحمن الرؤاسي ) : بضم الراء بعده الهمزة ويجوز إبدالها واوا والياء للنسبة إلى رؤاس جده ، وقيل : إلى بايع الرءوس وهو ضعيف رواية ودراية ، قال السمعاني : هذه النسبة إلى بني رؤاس هو أبو عوف كوفي . ( عن زهير ) : بالتصغير ، قال العصام : زهير اثنان أحدهما : أبو خيثمة زهير بن حرب بن شداد النسائي ، ثقة ثبت ، روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث ، وأخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، وثانيهما : زهير بن محمد التميمي أبو المنذر الخراساني ، ضعف لعدم استقامة رواية أهل الشام عنه ، قال أبو حاتم : حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه ، وزهير في الحديث هو التميمي ; لأن الأول لم يدرك أبا إسحاق ، عرفت ذلك من الرجوع إلى تاريخ وفاة أبي إسحاق . ( عن أبي إسحاق ) : وقد مر ذكره . ( قال : سأل رجل البراء بن عازب أكان ) : وفي نسخة بدون الهمزة أي كان . ( وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف ) : أي في الحسن واللمعان ، وقيل في التمديد لما وقع في بعض طرق الحديث عند الإسماعيلي " أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مديدا مثل السيف " ، والمعنى إنه هل كان وجهه طولانيا مثله أو لا . ( قال ) : أي البراء لكون تشبيه السائل ناقصا . ( لا ) : هي نقيضة نعم أي لم يكن مثل السيف . ( بل مثل القمر ) : بالنصب أي بل كان مثل القمر ، فهو عطف على مثل السيف الواقع في كلامه تقديرا ليكون التشبيه جامعا بين صفتي البروق والميل إلى الاستدارة ويؤيده ما وقع في حديث كعب بن مالك : " كان وجهه قطعة قمر " ، وقد يقال معناه : لم يكن مثل السيف بل لم يكن مثل القمر بل كان أحسن منه أيضا ، ويؤيده ما سبق آنفا : "فلهو عندي أحسن من القمر " ولله در القائل :


إذا عبتها شبهتها البدر طالعا وحسبك من عيب لها شبه البدر

.

ويلائمه ما وقع في حديث ربيع بنت معوذ بن عفراء : " لو رأيته رأيت الشمس طالعة " ، ويؤيد الأول ما في نسخة بالرفع ويدل عليه أنه لم يوجد في بعض النسخ كلمة بل أي وجهه أو هو ، وهو أبلغ مثل القمر ; لأنه جامع لكمال النور وغاية العلو والظهور ، وميله إلى الاستدارة مشهور ، ولأنه دليل جامع والسيف دليل قاطع ، والحاصل أن السؤال كان عن نورانيته على وجه الإجمال والجواب بترجيح الحال على وجه الكمال ، وقد ورد في مسلم عن جابر بن سمرة أن رجلا قال له : أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف ؟ قال : لا ، مثل الشمس والقمر ، وكان مستديرا ، قال أبو عبيد : لا يريد أنه كان في غاية التدوير بل كان فيه سهولة ما ، وهي أحلى عند العرب والعجم خلافا للترك ، ويؤيده ما روي وصفه أنه أسيل الخدين ، ووجه الاقتصار عليهما انحصار النور الظاهري فيهما فلا يلزم أن يكون المشبه به أقوى كما لا يخفى ، وقيل جمع الكوكبين [ ص: 58 ] لأن الأول يراد به غالبا التشبيه في الإشراق والإضاءة ، والثاني في الحسن والملاحة .

التالي السابق


الخدمات العلمية