( حدثنا  هناد     ) : بتشديد النون . (  ابن السري     ) : بفتح المهملة وكسر الراء وتشديد الياء . ( حدثنا ) : وفي نسخة " أخبرنا " . (   عبد الرحمن بن أبي الزناد     ) : بكسر الزاي بعدها      [ ص: 91 ] نون ، اسمه   عبد الله بن ذكوان  المدني ، مولى  قريش   ، صدوق ، أخرج حديثه   البخاري  في التعليق ،  ومسلم  ، والأربعة في صحاحهم ، تغير حفظه لما قدم  بغداد      . ( عن  هشام     ) : أحد الفقهاء السبعة ، اتفقوا على توثيقه وإمامته وجلالته مع أنه كان يدلس أحيانا . (  بن عروة     ) :  أبي عبد الله المدني  ، قال   ابن شهاب     : كان بحرا لا يكدر . وقال   ابن عيينة     : كان من أعلم الناس لحديث  عائشة     . ( عن أبيه ) : أي   عروة بن الزبير بن العوام  أحد العشرة المبشرة . ( عن  عائشة  رضي الله عنها قالت : كنت أغتسل ) : أفادت الحكاية الماضية بصيغة المضارع استحضارا للصورة المتقدمة ، وإشارة إلى تكراره واستمراره ، أي : اغتسلت مكررا . ( أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ) : بالرفع على العطف ، ويروى بالنصب على أنه مفعول معه ، قال  الطيبي     : أبرز الضمير ليصح العطف ، فإن قلت : كيف يصح العطف ولا يقال اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أجيب بأنه على تغليب المتكلم الغائب كما غلب المخاطب على الغائب في قوله تعالى : (  اسكن أنت وزوجك الجنة      ) فإن قلت : النكتة هناك أن  آدم   عليه السلام أصل في سكنى الجنة ، قلت هنا : للإيذان بأن النساء محل الشهوات وحاملات للاغتسال فكن أصلا ، انتهى . أو أن الأصل إخبار الشخص عن نفسه ، قيل : ويحتمل أن يكون الماء معدا لغسلها وشاركها النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يخفى بعده . ( من إناء واحد ) : متعلق باغتسل وهو يحتمل أن يقع الغسلان متعاقبين ، ومن المعلوم تقدمه صلى الله عليه وسلم كما هو شأن الأدب ، وعلى تقدير المعية يحتمل التستر كما هو الظاهر من جمال حالهما وكمال حيائهما ، وعلى تقدير التكشف يحتمل عدم النظر إلى العورة بل هو صريح في بعض الروايات  عن  عائشة  رضي الله عنها : " ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم     " . ولا شك أنه كان أشد حياء منها ، وقد ورد أيضا في رواية عنها : "  ما رأيت منه ولا رأى مني     " يعني الفرج . وبه اندفع ما نقله  ميرك  عن بعض الفضلاء من أن في الحديث دليلا على جواز  نظر الرجل إلى عورة امرأته وبالعكس      . قال : ويؤيده ما رواه   ابن حبان  أن :   سليمان بن موسى  سئل عن هذه المسألة ، يعني عن الرجل ينظر إلى عورة امرأته ، فقال : سألت  عطاء  فقال : سألت  عائشة  فذكرت هذا الحديث بمعناه وهو نص في المسألة ، انتهى . وفي كونه نصا محل نظر إذ على تقديره يناقض ما سبق عنها فعلى فرض صحته يحمل على ما عدا الفرج من الأفخاذ فإنه ربما ينكشف عند الاغتسال وبه يزول الإشكال ، والله أعلم بالحال ، ثم قيل : في الحديث دليل على أن الاغتراف من الماء القليل لا يجعل الماء مستعملا ، وفيه أن الظاهر من حالهما غسل أيديهما خارج الإناء ثم تناولهما من الماء . قال  ميرك     : ووقع في رواية   البخاري     : " من إناء واحد من قدح " ، فقيل : الأولى ابتدائية ، والثانية : بيانية ، والأولى أن يقال : " من قدح " بدل " من إناء " بإعادة الجار ، ووقع في رواية أخرى : من إناء واحد من جنابة ; أي بسبب الجنابة ، ومن      [ ص: 92 ] أجلها قال  ابن التين     : كان هذا الإناء من شبه ، وهو بفتح المعجمة والموحدة ، وكأن مستنده ما رواه  الحاكم  من طريق   حماد بن سلمة  ، عن   هشام بن عروة  ، عن أبيه ، ولفظه : " من تور من شبه " ، وفي رواية   للبخاري     : " من إناء يقال له الفرق " ، وهو بفتحتين ويروى بتسكين الراء ، واختلف في مقداره ، والمشهور عند الجمهور أنه ثلاثة آصع ، وقيل صاعان ، ويؤيد الأول ما رواه   ابن حبان  من طريق  عطاء  ، عن  عائشة  ، بلفظ : " قدره ستة أقساط " ، والقسط بكسر القاف نصف صاع باتفاق أهل اللغة . واختار بعض العلماء جواز  اغتسال الرجل بفضل المرأة وعكسه   ، وعليه الجمهور ، وبعضهم على جواز طهارة المرأة بفضل الرجل دون العكس ، وقيد بعضهم المنع فيما إذا خليا به ، والجواز فيما إذا اجتمعا وتمسك كل بظاهر خبر دل على ما ذهب إليه ، وعلى تقدير صحة الجميع يمكن الجمع بحمل النهي على ما تساقط من الأعضاء ، والجواز على ما بقي في الإناء بذلك ، جمع  الخطابي  وجمع بعضهم بأن الجواز فيما إذا اغترفا معا والمنع فيما اغترف أحدهما قبل الآخر . وبعضهم حمل النهي على التنزيه والفعل على الجواز ، وهو الظاهر ، والله أعلم بالسرائر . ( وكان له ) : أي لرأسه الشريف . ( شعر ) : أي نازل . ( فوق الجمة ) : بضم الجيم وتشديد الميم ما سقط على المنكبين . ( ودون الوفرة ) : بفتح الواو وسكون الفاء بعده راء ما وصل إلى شحمة الأذن كذا في جميع الأصول والنهاية ، وهذا بظاهره يدل على أن شعره صلى الله عليه وسلم كان أمرا متوسطا بين الجمة والوفرة ليس بجمة ولا وفرة ، لكن سبق أنه صلى الله عليه وسلم كان عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه ، وهذا ظاهر أنه كان شعره جمة وعلى أن جمته مع عظمها إلى أذنيه ، ولعل ذلك باعتبار اختلاف أحواله صلى الله عليه وسلم ، هذا وقد روى المصنف هذا الحديث في جامعه أيضا ، وقال : حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه ، وفي رواية  أبي داود  قالت :  كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمة     . كذا في جامع الأصول ، قال  ميرك     : كذا وقع في الشمائل ، ورواه  أبو داود  بهذا الإسناد ، فوق الوفرة دون الجمة ، قيل : وهو الصواب ، وقد جمع بينهما  العراقي  في شرح جامع  الترمذي  بأن المراد من قوله " فوق ودون " تارة بالنسبة إلى المحل وتارة بالنسبة إلى المقدار فقوله : " فوق الجمة " أي : أرفع منها في المحل ، " ودون الجمة " أي : أقل منها في المقدار ، وكذا في العكس . قال  العسقلاني  في شرح   البخاري     : وهو جمع جيد لولا أن مخرج الحديث متحد ، انتهى كلامه . قال  ملا حنفي     : فيه بحث لأن مآل الروايتين على هذا التقدير متحد معنى والتفاوت بينهما إنما هو في العبارة      [ ص: 93 ] ولا يقدح فيه اتحاد مخرج الحديث ، غاية ما في الباب أن  عائشة  رضي الله عنها أو من دونها أدت أو أدى معنى واحدا بعبارتين ، ولا غبار عليه ، هذا وقد يستعمل في الحديث أحد اللفظين المتقاربين مكان الآخر كما مر في " أفلج الثنيتين " حيث قالوا : إن " الفلج " استعمل مكان " الفرق " ويمكن أن يقال : لعل  اغتسال  عائشة  ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد   وقع متعددا ، ويكون ذلك الاختلاف ناشئا من اختلاف الأحوال ، انتهى . ولا يخفى أن القول الأخير مبني على أن جملة " وكان " ، إلخ ، حال ، وأما إذا كانت معطوفا على " كنت " فلا تعلق له بالاغتسال ، فيكونان حديثين مستقلين وهو الأظهر وإلا فيلزم أن يكون في كل غسل اختلاف حال وهو غير ملائم كما لا يخفى ، واعلم أن  ابن حجر  ذكر الحديث في شرح شمائله بلفظ " وأنزل من الوفرة " ، وقال : أي من محلها وهو شحمة الأذن . وهذه الرواية بمعنى رواية أبي  داود  ، ثم قال : نعم في نسخ هنا " فوق الجمة ودون الوفرة " ، وهذه عكس رواية  أبي داود  ، انتهى . وقوله : " أنزل " غير موجود في الأصول المعتمدة ولا أحد من الشراح أيضا ذكره .  
				
						
						
