( والأظهر أن الشفعة ) أي طلبها ( على الفور ) وإن تأخر التملك لخبر ضعيف فيه وكأنه اعتضد عندهم بما صيره حسنا بغيره ولأنه خيار ثبت بنفسه لدفع الضرر فكان كخيار الرد بالعيب وقد لا يجب في صور علم أكثرها من كلامه كالبيع بمؤجل أو وأحد الشريكين غائب وكأن أخبر بنحو زيادة فترك ، ثم بان خلافه وكالتأخير لانتظار إدراك زرع وحصاده أو ليعلم قدر الثمن أو ليخلص نصيبه المغصوب كما نص عليه أو لجهله بأن له الشفعة أو بأنها على الفور وهو ممن يخفى عليه ذلك وكمدة خيار شرط لغير مشتر وكتأخير الولي أو عفوه فإنه لا يسقط حق المولى ( فإذا علم الشفيع بالبيع فليبادر ) عقب علمه من غير فاصل ( على العادة ) فلا يكلف البدار بعدو أو نحوه مما يعد العرف تركه تقصيرا وتوانيا وضابط ما هنا كما مر في الرد بالعيب وذكر كغيره بعض ذلك ثم وبعضه هنا ليعلم اتحاد البابين كما تقرر أي غالبا لما يأتي أما إذا لم يعلم فهو على شفعته ، وإن مضى سنون نعم يأتي في خيار أمة عتقت أنه لا يقبل دعواها [ ص: 79 ] الجهل به إذا كذبتها العادة بأن كانت معه في داره وشاع عتقها فيظهر أن يقال بمثله هنا ( فإن كان مريضا ) أو محبوسا ظلما أو بحق وعجز عن الطلب بنفسه ( أو غائبا عن بلد المشتري ) بحيث تعد غيبته حائلة بينه وبين مباشرة الطلب كما جزم به السبكي كابن الصلاح ( أو خائفا من عدو ) أو إفراط حر أو برد ( فليوكل ) في الطلب ( إن قدر ) ؛ لأنه الممكن ( وإلا ) يقدر ( فليشهد ) رجلين أو رجلا وامرأتين بل أو واحدا ليحلف معه كما مر في البيع ( على الطلب ) ، ولو قال أشهدت فلانا وفلانا فأنكرا لم يسقط حقه ( فإن ترك المقدور عليه منهما ) أي التوكيل والإشهاد المذكورين ( بطل حقه في الأظهر ) لتقصيره المشعر بالرضا نعم الغائب يخير بين التوكيل والرفع للحاكم كما أخذه السبكي من كلام البغوي .
قال وكذا إذا حضر الشفيع وغاب المشتري وللقادر أيضا أن يوكل ففرضهم التوكيل عند العجز إنما هو لتعينه حينئذ طريقا ، ولو سار بنفسه عقب العلم أو وكل لم يلزمه الإشهاد حينئذ على الطلب بخلاف ما مر في نظيره من الرد بالعيب ؛ لأن تسلط الشفيع على الأخذ بالشفعة أقوى من تسلط المشتري على الرد بالعيب إذ له نقض تصرف المشتري وليس لذاك ذلك ولأن الإشهاد ثم على المقصود وهو الفسخ وهنا على الطلب وهو وسيلة وهي يغتفر فيها ما لا يغتفر في المقصود وإذا كان الفور بالعادة ( فإذا كان في صلاة أو حمام أو طعام فله الإتمام ) كالعادة ولا يلزمه الاقتصار على أقل مجزئ بل له الأكمل بحيث لا يعد متوانيا ويؤخذ منه أن له ذلك في النافلة المطلقة بهذا القيد وكذا إن دخل الوقت ، وإن لم يشرع فله الشروع وله التأخير ليلا حتى يصبح ما لم يأمن في الذهاب إليه ليلا ، ولو ادعى تأخير العذر فإن علم قيام أصل العذر به [ ص: 80 ] صدق ، وإلا صدق المشتري .
( ولو أخر الطلب وقال لم أصدق المخبر لم يعذر إن أخبره عدلان ) أو رجل وامرأتان بصفة العدالة ؛ لأنه كان من حقه أن يعتمد ذلك نعم الأوجه تصديقه في الجهل بعدالتهما إن أمكن خفاء ذلك عليه ، ولو كانا عدلين عنده لا عند الحاكم عذر على ما قاله السبكي لكن نظر فيه غيره ، ولو أخبره مستوران عذر كما بحثه شارح ( كذا ثقة في الأصح ) ، ولو أمة ؛ لأنه إخبار ( ويعذر إن أخبره من لا يقبل خبره ) لعذره بخلاف من يقبل كعدد التواتر ولو كفارا ؛ لأنهم أولى من العدلين لإفادة خبرهم العلم هذا كله ظاهرا أما باطنا فالعبرة في غير العدل عنده بمن يقع في نفسه صدقه وكذبه .


