الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( أو ) استلحقه ( اثنان لم يقدم مسلم وحر على ذمي ) وحربي ( وعبد ) لصحة استلحاق كل منهم ويد الملتقط لا تصلح للترجيح هنا ( فإن ) كان لأحدهما بينة سليمة من المعارض عمل بها وإن ( لم يكن ) لواحد منهما ( بينة ) أو كان لكل بينة وتعارضتا فإن سبق استلحاق أحدهما ويده عن غير التقاط قدم لثبوت النسب منه معتضدا باليد فهي [ ص: 362 ] عاضدة لا مرجحة وإن لم يسبق أحدهما كذلك كأن استلحقه لاقطه ثم ادعاه آخر ( عرض على القائف ) الآتي قبيل العتق ( فيلحق من ألحقه به ) لما يأتي ثم ولا يقبل منه بعد إلحاقه بواحد إلحاقه بآخر ؛ لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد ومن ثم لو تعارض قائفان كان الحكم للسابق وتقدم البينة عليه وإن تأخرت كما يقدم هو على مجرد الانتساب ؛ لأنه بمنزلة الحكم فكان أقوى .

                                                                                                                              ( فإن لم يكن قائف ) بالبلد أو بدون مسافة القصر منه وقيل بالدنيا وقيل بمسافة العدوى ( أو ) وجد ولكن ( تحير أو نفاه عنهما أو ألحقه بهما ) وقف الأمر إلى بلوغه و ( أمر بالانتساب ) قهرا عليه وحبس إن امتنع وقد ظهر له ميل وإلا وقف الأمر على الأوجه ( بعد بلوغه إلى من يميل طبعه إليه منهما ) لما صح عن عمر رضي الله عنه أنه أمر بذلك ولا يجوز له الانتساب بالتشهي بل لا بد من ميل جبلي كميل القريب لقريبه وشرط فيه الماوردي أن يعرف حالهما ويراهما قبل البلوغ وأن تستقيم طبيعته ويتضح ذكاؤه وأقره ابن الرفعة وأيده الزركشي بقولهم إن الميل بالاجتهاد أي وهو يستدعي تلك المقدمات ولو انتسب لغيرهما وصدقه ثبت نسبه ولم يختر المميز كما يأتي في الحضانة ؛ لأن رجوعه يعمل به ثم لا هنا فقوله ملزم والصبي ليس من أهل الإلزام وينفقانه مدة الانتظار ثم من ثبت له رجع الآخر عليه بما أنفق إن كان بإذن الحاكم ثم بالإشهاد على نية الرجوع ثم بنيته كما يعلم مما مر آخر الإجارة وإلا فهو متبرع ولو تداعاه امرأتان أنفقتا ولا رجوع هنا مطلقا [ ص: 363 ] لإمكان القطع بالولادة فأوخذت كل بموجب قولها ( ولو أقاما بينتين ) على النسب ( متعارضتين ) كأن اتحد تاريخهما ( سقطتا في الأظهر ) إذ لا مرجح فيرجع للقائف واليد هنا غير مرجحة خلافا لجمع ؛ لأنها لا تثبت النسب بخلاف الملك

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله قدم لثبوت النسب منه معتضدا باليد ) بخلاف ما لو سبق استلحاق غير ذي اليد فلا يقدم كما قال في الروض وإن لم يستلحقه ذو اليد إلا وقد استلحقه آخر استويا فتعتمد البينة فإن لم تكن بينة أو تعارضتا وأسقطناهما فالقائف إلخ وقوله استويا قال في شرحه فلا يقدم به ذو اليد إذ الغالب من حال الأب أن يذكر نسب ولده ويشهره فإن لم يفعل صارت يده كيد الملتقط في أنها لا تدل على النسب انتهى وعبارة العباب ثم إن كان أحدهما أي الملتحقين [ ص: 362 ] الملتقط وهو بيده لم يقدم بل إن التحقه أولا عرض مع الآخر على القائف فإن نفاه عنه بقي للملتقط وإن ألحقه به عرض مع الملتقط فإن نفاه عنه فهو للآخر وإن ألحقه وقف الأمر وإن كان بيد الآخر فإن التحقه أولا لم يؤثر التحاق الملتقط أو عكسه لم يقدم ذو اليد بل يستويان انتهى ( قوله وإن لم يسبق أحدهما كذلك ) فعلم أن السبق كذلك مقدم على القائف وظاهر أنه غير مقدم على البينة ( فرع )

                                                                                                                              في شرح م ر ولو تداعيا مولودا فادعى أحدهما ذكورته والآخر أنوثته فبان ذكرا لم تسمع دعوى من ادعى الأنوثة في أوجه احتمالين ؛ لأنه قد عين غيره انتهى ( فرع )

                                                                                                                              آخر في شرح المنهج ولو أقام اثنان بينتين مؤرختين بتاريخين مختلفتين فلا ترجيح انتهى ( قوله في المتن فيلحق من ألحقه به ) قضيته أنه في المثال المذكور لو ألحقه بالآخر لحقه بمجرد ذلك لكن في الروضة ما نصه نعم من ادعى لقيطا استلحقه ملتقطه عرض معه على القائف فإن ألحقه به عرض مع الملتقط فإن ألحقه به أيضا تعذر العمل به أي بقوله فيوقف قال في شرحه وإن نفاه عنه فهو للمدعي انتهى ( قوله وهو يستدعي تلك ) في استدعائه كون رؤيتهما قبل البلوغ تأمل ( قوله [ ص: 363 ] كأن اتحد تاريخهما ) مفهومه عدم التساقط إذا اختلف تاريخهما ويخالفه ما مر عن شرح المنهج ويأتي عن شرح الروض إلا أن يصور ما هنا بأن تشهد إحداهما بأنه ولد على فراشه من سنتين والأخرى بأنه ولد على فراش الآخر من سنة ( قوله واليد هنا غير مرجحة ) أي ولا عاضدة ولا ينافي ذلك قوله السابق فإن سبق استلحاق أحدهما إلى قوله فهي عاضدة لا مرجحة يحمل هذا على ما إذا لم يسبق استلحاق ذي اليد فليتأمل ( قوله واليد هنا غير مرجحة إلخ ) في شرح الروض ويفارق ما لو استلحقاه ولكل منهما بينة حيث لا تقدم باليد كما مر ولا بتقدم تاريخ بأن أقامها أحدهما بأنه بيده منذ سنة والآخر بأنه منذ شهر بأن اليد وتقدم التاريخ يدلان على الحضانة دون النسب ا هـ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( لم يقدم ) وكذا لا يقدم رجل على امرأة بل إن أقام أحدهما بينة عمل بها وإن أقاما بينتين وتعارضتا فإن كان لأحدهما يد من غير التقاط ولو المرأة قدم وإلا قدم الرجل ؛ لأن مجرد دعوى المرأة لا تعارضه لعدم صحة استلحاقها ومن هذا يعلم جواب حادثة وقعت وهي أن بنتا بيد امرأة مدة من السنين تدعي المرأة أمومتها لتلك البنت من غير معارض ومع شيوع ذلك بين أهل محلتها وجاء رجل ادعى أنها بنته من امرأة ميتة لها مدة وهو أنه إن أقام أحدهما بينة ولم تعارض عمل بها وإلا بقيت مع المرأة لاعتضاد دعواها باليد ا هـ ع ش وقوله فإن كان لأحدهما به إلخ أي وسبق استلحاقه أخذا من كلام الشارح الآتي آنفا ويأتي آنفا أيضا عن سم عن شرح الروض ما يصرح بذلك ( قوله ويد الملتقط لا تصلح إلخ ) ؛ لأن اليد إنما تدل على الملك لا على النسب مغني وأسنى وسيذكره الشارح أيضا قبيل الكتاب الآتي ( قوله قدم لثبوت النسب منه إلخ ) بخلاف ما لو سبق استلحاق غير ذي اليد فلا يقدم كما قال الروض وإن لم يستلحقه ذو اليد إلا وقد استلحقه آخر استويا فتعتمد البينة فإن لم يكن بينة أو تعارضتا وأسقطناهما فالقائف ا هـ وقوله استويا قال في شرحه فلا يقدم به ذو اليد إذ الغالب من حال الأب أن يذكر نسب ولده ويشهره فإذا لم يفعل صارت يده كيد الملتقط في أنها لا تدل على [ ص: 362 ] النسب انتهى ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله عاضدة ) أي للدعوى ( لا مرجحة ) أي للبينة ( قوله وإن لم يسبق أحدهما إلخ ) فعلم أن السبق كذلك مقدم على القائف وظاهر أنه غير مقدم على البينة ا هـ سم أي كما يفيده تفريع ذلك على عدم البينة قول المتن ( عرض ) أي اللقيط مع المدعيين ا هـ مغني ( قوله الآتي ) إلى الكتاب في النهاية إلا قوله ثم بنيته كما يعلم مما مر آخر الإجارة ( قوله ولا يقبل منه ) أي القائف ( قوله وتقدم البينة ) إلى قوله ثم بالإشهاد في المغني إلا قوله وقيل إلى المتن وقوله وشرط فيه إلى ولم يخير المميز ( قوله وتقدم البينة عليه إلخ ) ؛ لأنها حجة في كل خصومة مغني وأسنى ( قوله كما يقدم هو ) أي إلحاق القائف وإن تأخر ( قوله أو بدون مسافة القصر ) هذا هو المعتمد ا هـ ع ش قول المتن ( أو ألحقه بهما ) قد يقال إذا ألحقه بهما تبين أنه غير قائف نعم إن حمل ما ذكر على ما إذا ألحقه قائفان باثنين في آن واحد كان واضحا وإلا ففيه التأمل المذكور ا هـ سيد عمر قول المتن ( وأمر بالانتساب ) إلخ فمن انتسب إليه منهما لحقه ولا يقبل رجوعه عن انتسابه مغني وأسنى ( قوله وإلا ) أي وإن لم يظهر له الميل ( أمر بذلك ) أي بالانتساب ( قوله وشرط فيه ) أي في اللحوق بالانتساب ( قوله بالاجتهاد ) خبران ( قوله أي وهو ) أي الاجتهاد .

                                                                                                                              ( قوله يستدعي تلك إلخ ) في استدعائه كون رؤيتها قبل البلوغ تأمل ا هـ سم ( قوله ولم يخير المميز إلخ ) محترز قول المتن بعد بلوغه ( قوله كما يأتي ) أي تخيير المميز بين أبويه ( قوله ؛ لأن رجوعه ) أي المميز عن الأول ( قوله ثم ) أي في الحضانة و ( قوله لا هنا ) أي في النسب ( قوله ثم من ثبت له رجع الآخر عليه ) أي فلو لم يثبت لواحد منهما بل ثبت لغيرهما أو لم يثبت نسبه لا لهما ولا لغيرهما فهل يرجع المنفق على من ثبت نسبه منه أو على اللقيط نفسه لوجود الإنفاق عليه فيه نظر والأقرب عدم الرجوع فيهما ؛ لأنه لم يقصد واحدا منهما بالإنفاق ا هـ ع ش أقول : قياس ما مر في نفقة اللقيط من الرجوع على قريبه إذا بان أنه يرجع هنا على من ثبت نسبه فليراجع ( قوله ثم بنيته إلخ ) يعني إذا فقد الشهود وأنفق بنية الرجوع رجع وفيه أن فقد الشهود نادر فقياس ما مر للشارح م ر عدم الرجوع ا هـ ع ش ( قوله ولو تداعاه امرأتان إلخ ) ولو تداعيا مولودا فادعى أحدهما ذكورته والآخر أنوثته فبان ذكرا لم تسمع دعوى من ادعى الأنوثة في أوجه احتمالين ولو استرضع ابنه يهودية ثم غاب عاد فوجدها ميتة ولم يعرف ابنه من ابنها وقف الأمر كما أفتى به المصنف إلى تبين الحال ببينة أو قافة أو بلوغهما وانتسابهما انتسابا مختلفا ويوضعان في الحال في يد مسلم فإن لم يوجد شيء مما مر دام الوقف فيما يرجع للنسب ويتلطف بهما ليسلما فإن أصرا على الامتناع لم يكرها عليه وإذا ماتا دفنا بين مقابر المسلمين والكفار وتجب الصلاة عليهما وينويها على المسلم منهما إن صلي عليهما معا وإلا فعليه إن كان مسلما كما علم مما مر في صلاة الجنائز نهاية ومغني قال ع ش قوله فبان ذكرا أي أو أنثى لم تسمع دعوى [ ص: 363 ] من ادعى ذكورته وقياسه أنه لو بان خنثى لم تسمع دعوى واحد منهما وقوله ولو استرضع ابنه إلخ قوة كلامه تشعر بجواز استرضاع اليهودية وغيرها من الكافرات للمسلم ولا مانع منه ؛ لأن استرضاعها استخدام لليهودية واستخدام الكفار غير ممنوع ولا نظر إلى أنها يخاف منها على الطفل ؛ لأنا نقول هذه الحالة إذا وجدت في المسلمة امتنع تسليم الرضيع لها وظاهره أيضا سواء كان ببيتها أم ببيت وليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لإمكان القطع بالولادة ) أي بالبينة بالولادة ا هـ ع ش ( قوله كأن اتحد تاريخهما ) مفهومه عدم التساقط إذا اختلف تاريخهما ويخالفه ما في شرحي المنهج والروض من أنه لو أقام اثنان بينتين مؤرختين بتاريخين مختلفين فلا ترجيح ا هـ إلا أن يصور ما هنا بأن تشهد إحداهما بأنه ولد على فراشه من سنتين والأخرى بأنه ولد على فراش الآخر من سنة ا هـ سم أقول : ويرد هذا التصوير ما في البجيرمي مما نصه قوله مؤرختين بتاريخين إلخ هذا مستثنى من كون الحكم للسابقة تاريخا كما قاله النووي وقال الخطيب إن القاعدة المذكورة خاصة بالأموال ا هـ وقوله فلا ترجيح هذا بخلاف المال فإنه يعمل فيه بمقدمة التاريخ ع ش ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله واليد هنا غير مرجحة ) أي ولا عاضدة ولا ينافي ذلك قوله السابق فإن سبق استلحاق أحدهما إلى قوله فهي عاضدة لا مرجحة بحمل هذا على ما إذا لم يسبق استلحاق ذي اليد فليتأمل سم على حج ا هـ ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية