الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 147 ] ( ولو قال يوم أكلم فلانا فأمرأته طالق فهو على الليل والنهار ) لأن اسم اليوم إذا قرن بفعل لا يمتد يراد به مطلق الوقت ، قال الله تعالى { ومن يولهم يومئذ دبره } والكلام لا يمتد ( وإن عني النهار خاصة دين في القضاء ) لأنه مستعمل فيه أيضا . وعن أبي يوسف أنه لا يدين في القضاء لأنه خلاف المتعارف

التالي السابق


( قوله ولو قال يوم أكلم فلانا فامرأته طالق فهو على الليل والنهار ) فإن كلمه ليلا أو نهارا حنث ، ثم قال المصنف في وجهه : لأن اسم اليوم إذا قرن بفعل لا يمتد يراد به مطلق الوقت ، قال الله تعالى { ومن يولهم يومئذ دبره } ولا فرق بين التولية ليلا أو نهارا ، والكلام لا يمتد ; قيل في وجهه لأنه عرض لا يقبل الامتداد إلا بتجدد الأمثال كالضرب والجلوس والسفر والركوب ونحو ذلك . وذلك عند الموافقة صورة ومعنى ، والكلام الثاني يفيد معنى غير مفاد الأول فليس مثلا .

وما قيل الكلام يتنوع إلى خبر واستخبار وأمر ونهي فلا يحمل على الكلام المطلق أنه ممتد ، فقد يقال ولا يحمل عليه مطلقا أنه غير ممتد إذ كل نوع منه على هذا ممتد على أنه اسم الكلام ليس إلا الألفاظ مفيدة معنى كيفما كان فتحققت المماثلة سواء كان المفاد من نوع الأول أو لا ، وبه يندفع القولان ، ولذا قال الشيخ عبد العزيز : الصحيح أن يقال الطلاق مما لا يمتد لأن الكلام مما يمتد يقال كلمته يوما ، ولأن اعتبار المظروف أولى من اعتبار المضاف إليه كما في قوله أمرك بيدك يوم يقدم فلان ، وقد تقدم تحقيق هذا الأصل في الطلاق واختلاف عباراتهم فيه .

وأن الأولى الاعتبار بالعامل المعتبر واقعا فيه عند تحقق معنى ما أضيف إليه الظرف وعدمه لجعل اليوم لمطلق الوقت وعدمه لأنه هو المقصود الأصلي ، بخلاف ما أضيف إليه لأنه ليس مقصودا إلا لتعيين ما يتحقق فيه ما قصد إلى إثبات معناه بالقصد الأول . واستشكل بما لو قال والله لا أكلم فلانا اليوم ولا غدا ولا بعد غد فكلمه ليلا لا يحنث لأن الليل لم يدخل ، وكذا لو قال في كل يوم لم يدخل الليل ذكر ذلك في التتمة وبه قال الشافعي ، وهذا لا يرد على ما هو المختار من اعتبار المقصود من التركيب كما ذكرنا بل على ما ذكر المصنف .

وجوابه أن المراد باليوم فيه النهار في المسألة الأولى بدلالة إعادة حرف النفي عند ذكر الغد وإلا لم يكن لذكره فائدة ، حتى لو قال لا أكلمه اليوم وغدا وبعد غد تدخل الليلة ، وبه قال الشافعي وهو كقوله ثلاثة أيام . وفي المسألة الثانية ذكر كلمة " في " في كل يوم لتجديد الكلام على ما عرف في أنت طالق في كل يوم تطلق ثلاثا في ثلاثة أيام ، ولو قال كل يوم تطلق واحدة ، ولا يتحقق التجديد لو أريد باليوم مطلق الوقت ( قوله وإن عني النهار خاصة ) أي بلفظ اليوم ( دين ) أي صدق ( في القضاء لأنه مستعمل فيه ) أي لأنه حقيقة مستعملة كثيرا فيقبله القاضي وإن كان فيه تخفيف على نفسه أو هو مشترك بين النهار ومطلق الوقت .

وعن أبي يوسف لا يدين في القضاء لأنه خلاف المتعارف فكان الظاهر فلا يصدق في القضاء




الخدمات العلمية