الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو حلف ليأتينه غدا إن استطاع فهذا على استطاعة الصحة دون القدرة ، وفسره في الجامع الصغير وقال : إذا لم يمرض ولم يمنعه السلطان ولم يجئ أمر لا يقدر على إتيانه فلم يأته حنث ، وإن عنى استطاعة القضاء دين فيما بينه وبين الله تعالى ) وهذا لأن حقيقة الاستطاعة فيما يقارن الفعل ويطلق الاسم على سلامة الآلات وصحة الأسباب في المتعارف . فعند الإطلاق ينصرف إليه وتصح نية الأول ديانة لأنه نوى حقيقة كلامه ثم قيل وتصح قضاء أيضا لما بينا ، وقيل لا تصح لأنه خلاف الظاهر .

التالي السابق


( قوله ولو حلف ) أي بالله أو بطلاق أو عتاق ( ليأتينه غدا إن استطاع ) وصورته في التعليق أن يقول امرأتي طالق إن لم آتك غدا إن استطعت ، ولا نية له تصرف الاستطاعة إلى سلامة آلات الفعل المحلوف عليه وصحة أسبابه لأنه هو المتعارف فعند الإطلاق يتعرف إليه ، وهذا ما أراد بقوله استطاعة الصحة دون الاستطاعة التي هي القدرة [ ص: 111 ] التي لا تسبق الفعل بل تخلق معه بلا تأثير لها فيه لأن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ، ولو أراد هذه بقوله إن استطعت صحت إرادتها ، فإذا لم يأته لعذر منه أو لغير عذر لا يحنث كأنه قال لآتينك إن خلق الله تعالى إتياني أو إلا أن لا يخلق إتياني ، وهو إذا لم يأت لم يخلق إتيانه ولا استطاعة الإتيان المقارنة وإلا لأتى ، وإذا صحت إرادتها فهل يصدق ديانة وقضاء أو ديانة فقط ؟ قيل يصدق ديانة فقط لأنه نوى خلاف الظاهر ، وهو قول الرازي ، وقيل ديانة وقضاء لأنه نوى حقيقة كلامه إذا كان اسم الاستطاعة يطلق بالاشتراك على كل من المعنيين . والأول أوجه لأنه وإن كان مشتركا بينهما لكن تعورف استعماله عند الإطلاق عن القرينة لأحد المعنيين بخصوصه وهو سلامة آلات الفعل وصحة أسبابه فصار ظاهرا فيه بخصوصه فلا يصدقه القاضي في خلاف الظاهر .




الخدمات العلمية