الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 258 ] ( ومن زفت إليه غير امرأته وقالت النساء : إنها زوجتك فوطئها لا حد عليه وعليه المهر ) قضى بذلك علي رضي الله عنه وبالعدة ، ولأنه اعتمد دليلا وهو الإخبار في موضع الاشتباه ، إذ الإنسان لا يميز بين امرأته وبين غيرها في أول الوهلة فصار كالمغرور ، ولا يحد قاذفه إلا في رواية عن أبي يوسف رحمه الله لأن الملك منعدم حقيقة

التالي السابق


( قوله ومن زفت ) أي بعثت ( إليه غير امرأته وقال النساء هي زوجتك فوطئها لا حد عليه وعليه المهر ) وهذه إجماعية لا يعلم فيها خلاف ، ثم الشبهة الثابتة فيها شبهة اشتباه عند طائفة من المشايخ . ودفع بأنه يثبت النسب من هذا الوطء ولا يثبت من الوطء عن شبهة الاشتباه نسب . فالأوجه أنها شبهة دليل ، فإن قول النساء : هي زوجتك دليل شرعي مبيح للوطء ، فإن قول الواحد مقبول في المعاملات ، ولذا حل وطء الأمة إذا جاءت إلى رجل وقالت : مولاي أرسلني إليك هدية ، فإذا كان دليلا غير صحيح في الواقع أوجب الشبهة التي يثبت معها النسب وعلى المزفوفة العدة ( قوله ولا يحد قاذفه إلا في رواية عن أبي يوسف ) فإن إحصانه لا يسقط عنده بهذا الوطء لأنه وطئها على أنه نكاح صحيح معتمدا دليلا ولذا يثبت النسب والمهر بإجماع الصحابة فيكون وطئا حلالا ظاهرا . وأجيب بأنه لما تبين خلاف الظاهر بقي الظاهر معتبرا في إيراث الشبهة وبالشبهة سقط الحد . لكن سقط إحصانه لوقوع الفعل زنا ، وهذا التوجيه يخالف مقتضى كونها شبهة محل لأن في شبهة المحل لا يكون الفعل زنا .

والحاصل أنه لو اعتبر شبهة اشتباه أشكل عليه ثبوت النسب وأطلقوا أن فيها لا يثبت النسب ، وإن اعتبر شبهة محل اقتضى أنه لو قال علمتها حراما علي لعلمي بكذب النساء لا يحد ويحد قاذفا . والحق أنه شبهة اشتباه لانعدام الملك من كل وجه . وكون الإخبار يطلق الجماع شرعا ليس هو الدليل المعتبر في شبهة المحل لأن الدليل المعتبر فيه هو ما مقتضاه ثبوت الملك نحو { أنت ومالك لأبيك } والملك القائم للشريك لا ما يطلق شرعا مجرد الفعل غير أنه مستثنى من الحكم المرتب عليه : أعني عدم ثبوت النسب للإجماع فيه . وبهذه والمعتدة ظهر عدم انضباط ما مهدوه من أحكام الشبهتين




الخدمات العلمية