قال ( وإذا قطع السارق والعين قائمة في يده ردت على صاحبها ) لبقائها على ملكه ( وإن كانت مستهلكة لم يضمن ) وهذا الإطلاق يشمل الهلاك والاستهلاك ، وهو رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة وهو المشهور . وروى الحسن عنه أنه يضمن بالاستهلاك . وقال الشافعي : يضمن فيهما لأنهما حقان قد اختلف سبباهما فلا يمتنعان فالقطع حق الشرع وسببه ترك الانتهاء عما نهى عنه . والضمان حق العبد وسببه أخذ المال فصار كاستهلاك صيد مملوك في الحرم أو شرب خمر مملوكة لذمي . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام [ ص: 414 ] { لا غرم على السارق بعدما قطعت يمينه } ولأن وجوب الضمان ينافي القطع لأنه يتملكه بأداء الضمان مستندا إلى وقت الأخذ ، فتبين أنه ورد على ملكه فينتفي القطع للشبهة وما يؤدي إلى انتفائه فهو المنتفي ، ولأن المحل لا يبقى معصوما حقا للعبد ، إذ لو بقي لكان مباحا في نفسه فينتفي القطع للشبهة فيصير محرما حقا للشرع كالميتة ولا ضمان فيه [ ص: 415 ] إلا أن العصمة لا يظهر سقوطها في حق الاستهلاك لأنه فعل آخر غير السرقة ولا ضرورة في حقه ، وكذا الشبهة تعتبر فيما هو السبب دون غيره .
ووجه المشهور أن الاستهلاك إتمام المقصود فتعتبر الشبهة فيه ، وكذا يظهر سقوط العصمة في حق الضمان لأنه من ضرورات سقوطها في حق الهلاك لانتفاء المماثلة .


