( و ) صوم يوم ( عرفة    )  وهو تاسع الحجة لخبر  مسلم    { صيام يوم عرفة  أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده   } والمراد بالسنة التي قبل يوم عرفة  السنة التي تتم بفراغ شهره وبالسنة التي بعده السنة أولها المحرم الذي يلي الشهر المذكور  ،  إذ الخطاب الشرعي محمول على عرف الشرع وعرفه فيها ما ذكرناه ولكون السنة التي قبله لم تتم إذ بعضها مستقبل كالسنة التي بعده أتى مع المضارع بأن المصدرية التي تخلصه للاستقبال  ،  وإلا فلو تمت الأولى كان المناسب التعبير فيها بلفظ الماضي : قال الإمام    :   ( والمكفر الصغائر دون الكبائر )    . قال صاحب الذخائر : وهذا منه تحكم يحتاج إلى دليل والحديث عام وفضل الله واسع لا يحجر . قال  ابن المنذر  في قوله صلى الله عليه وسلم   { من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه   } : هذا قول عام يرجى أنه يغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها    . قال الماوردي    : وللتكفير تأويلان أحدهما الغفران والثاني العصمة حتى لا يعصى  ،  ثم ما ذكر من التكفير محله فيمن له صغائر وإلا زيد في حسناته  ،  ويوم عرفة  أفضل الأيام لأن صومه كفارة سنتين كما مر بخلاف غيره  ،  ولأن الدعاء فيه أفضل من غيره  ،  ولخبر  مسلم    { ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه من النار من يوم عرفة    } وأما خبر { خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة   } فمحمول على غير يوم 
 [ ص: 207 ] عرفة  بقرينة ما ذكر وأفتى الوالد  رحمه الله تعالى بأن عشر رمضان أفضل من عشر ذي الحجة لأن رمضان سيد الشهور  ،  ويسن صوم الثمانية أيام قبل يوم عرفة   كما صرح به في الروضة سواء في ذلك الحاج وغيره  ،  أما الحاج فلا يسن له صوم يوم عرفة  يل يستحب له فطره ولو كان قويا للاتباع    . رواه الشيخان  ،  وليقوى على الدعاء  ،  ويؤخذ منه استحباب صومه لحاج لا يصل عرفة  إلا ليلا  ،  وبه صرح في المجموع وغيره  ،  ونقله في شرح  مسلم  عن جمهور العلماء وأن صومه لمن وصلها نهارا خلاف الأولى  ،  بل في نكت التنبيه المصنف  أنه مكروه . وأما المسافر والمريض فيسن لهما فطره  مطلقا كما نص عليه  الشافعي  رضي الله عنه  ،  وقضيته أنه لا فرق بين طويل السفر وقصيره وهو محتمل  ،  ويحتمل التقييد بالطويل كنظائره  ،  والأوجه الأول إقامة للمظنة مقام المئنة  ،  وظاهر كلامهم عدم انتفاء خلاف الأولى أو الكراهة بصوم ما قبله  ،  لكن ينافيه ما يأتي في صوم الجمعة مع اتحاد العلة فيهما  ،  بل هذا أولى لأنه يغتفر في خلاف الأولى ما لا يغتفر في المكروه . وقد يفرق بأن القوة الحاصلة بالفطر هنا من مكملات المغفرة الحاصلة بالحج لجميع ما مضى من العمر  ،  وليس في ضم صوم ما قبله إليه جابر بخلاف الفطر ثم فإنه من مكملات المغفرة تلك الجمعة فقط  ،  وفي ضم صوم يوم له جابر  ،  فإن قيل قضية ذلك أن صوم هذا أولى بالكفارة من صوم يوم الجمعة  ،  قلنا : صد عن ذلك ورود النهي المتفق على صحته ثم بخلافه هنا 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					