قوله ( ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث ، أو الربع    ) بحسب اجتهاد الساعي ، بحسب المصلحة ، فيجب على الساعي فعل ذلك ، على الصحيح من المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب . وقال  القاضي  في شرح المذهب : الثلث كثير لا يتركه ، وقال الآمدي  ،  وابن عقيل    : يترك قدر أكلهم وهديتهم بالمعروف بلا تحديد . قال ابن تميم    : وهو أصح . قال في الرعاية ، وقيل : هو أصح . انتهى . وقال ابن حامد    : إنما يترك في الخرص إذا زادت الثمرة على النصاب ، فلو كانت نصابا فقط لم يترك شيئا . 
تنبيهان أحدهما : هذا القدر المتروك للأكل لا يكمل به النصاب ، على الصحيح ، من المذهب ، نص عليه ، وقدمه في الفروع ، وابن تميم  ، والرعاية ، وغيرهم ، واختار  المجد    : أنه يحتسب به من النصاب ، فيكمل به ، ثم يأخذ زكاة الباقي سواه . 
الثاني : لو لم يأكل رب المال المتروك له بلا خرص . أخذ منه زكاته  ، على الصحيح ، جزم به  المجد  في شرحه ، وابن تميم  ، وابن رجب  في القاعدة الحادية والسبعين وغيرهم ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، وقال صاحب الفروع : دل النص الذي في المسألة قبلها على أن رب المال لو لم يأكل شيئا لم يزكه كما هو ظاهر كلام جماعة ، وأظن بعضهم جزم به أو قدمه ، وذكره في الرعاية احتمالا له . انتهى . 
 [ ص: 111 ] فائدتان إحداهما قوله ( فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بقدر ذلك ولا يحتسب عليه ) ، نص عليه ، وكذا إذا لم يبعث الإمام ساعيا ، فعلى رب المال من الخرص ما يفعله الساعي ، ليعرف قدر الواجب قبل أن يتصرف ، لأنه مستخلف فيه ، ولو ترك الساعي شيئا من الواجب أخرجه المالك ، نص عليه . الثانية : تقدم أنه لا يخرص إلا النخل والكرم  ، فلا تخرص الحبوب إجماعا ، لكن للمالك الأكل منها هو وعياله ، بحسب العادة . كالفريك وما يحتاجه ، ولا يحتسب به عليه ، ولا يهدى . نص على ذلك كله ، وخرج  القاضي  في جواز الأكل منها وجهين : من الأكل ، ومن الزرع الذي ليس له خليط ، وقال  القاضي  في الخلاف : أسقط  أحمد  رحمه الله عن أرباب الزرع الزكاة في مقدار ما يأكلون كما أسقط في الثمار . قال : وذكره في رواية  الميموني  ، وجعل الحكم فيهما سواء ، وقال في المجرد ، والفصول ، وغيرهما : يحسب عليه ما يأكله ، ولا يترك له منه شيء ، وذكره الآمدي  ظاهر كلامه ، كالمشترك من الزرع نص عليه ; لأنه القياس ، والحب ليس في معنى الثمرة ، وحكى رواية : أنه لا يزكي ما يهديه أيضا ، وقدم بعض الأصحاب : أنه يزكي ما يهديه من الثمرة . قال في الفروع : وجزم الأئمة بخلافه ، وحكى ابن تميم  أن  القاضي  قال في تعليقه : ما يأكله من التمرة بالمعروف لا يحسب عليه ، وما يطعمه جاره وصديقه يحسب عليه ، نص عليه ، وذكر أبو الفرج    : لا زكاة فيما يأكله من زرع وثمر ، وفيما يطعمه  روايتان ، وحكى  القاضي  في شرح المذهب : في جواز أكله من زرعه وجهين . 
 [ ص: 112 ] قوله ( ويؤخذ العشر من كل نوع على حدة ) هذا الصحيح من المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب . منهم  المصنف  ، وذلك بشرط أن لا يشق على ما يأتي ، وقال  ابن عقيل    : يؤخذ من أحدهما بالقيمة ، كالضأن من المعز . 
قوله ( فإن شق ذلك ) يعني لكثرة الأنواع واختلافها ( أخذ من الوسط ) هذا أحد الوجهين ، اختاره الأكثر . قاله في الفروع ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في الرعايتين ، والحاويين ، ومختصر ابن تميم  ، وغيرهم ، وقيل : يخرج من كل نوع ، وإن شق ، قدمه في المغني ، والكافي ، والشرح ، وصححاه ، وقدمه في الفروع ، وهو المذهب على ما اصطلحناه ، وقيل : يأخذ من الأكثر . 
				
						
						
