قوله ( ومن ارتد عن الإسلام : لم يزل ملكه بل يكون موقوفا ، وتصرفاته موقوفة . فإن أسلم : ثبت ملكه وتصرفاته ، وإلا بطلت ) ، الظاهر : أن هذا بناء منه على ما قدمه في " باب ميراث أهل الملل " من أن ميراث المرتد  فيء . واعلم أن مال المرتد إذا مات مرتدا  ، لا يخلو : إما أن نقول : يرثه ورثته من المسلمين ، أو ورثته من دينه الذي اختاره ، أو يكون فيئا على ما تقدم في " باب ميراث أهل الملل " . فإن قلنا : يرثه ورثته من المسلمين ، أو من الدين الذي اختاره ، فإن تصرفه في ملكه في حال ردته كالمسلم ، ويقر بيده . وهذا المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وقال  أبو الخطاب  في الانتصار : لا قطع بسرقة مال مرتد ، لعدم عصمته . وإن قلنا : يكون فيئا ، ففي وقت مصيره فيئا ثلاث روايات إحداهن : يكون فيئا حين موته مرتدا . وهذا الصحيح من المذهب . قاله في الفروع ، وقدمه ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في المحرر ، وغيره . 
وهو ظاهر ما قدمه  المصنف  في " باب ميراث أهل الملل " والرواية الثانية : يصير فيئا بمجرد ردته .  [ ص: 340 ] اختارها أبو بكر  ،  وأبو إسحاق  ، وابن أبي موسى  ، وصاحب التبصرة ، والطريق الأقرب . وهو قول  المصنف  وقال أبو بكر    : يزول ملكه بردته . ولا يصح تصرفه . فإن أسلم رد إليه تمليكا مستأنفا والرواية الثالثة : يتبين بموته مرتدا كونه فيئا من حين الردة . فعلى الصحيح من المذهب : يمنع من التصرف فيه . قاله  القاضي  وأصحابه ، منهم  أبو الخطاب    : وأبو الحسين  ، وأبو الفرج    . قال في الوسيلة : نص عليه ، وقدمه في الفروع . ونقل ابن هانئ    : يمنع منه . فإذا قتل مرتدا صار ماله في بيت المال ، واختار  المصنف  ، والشارح  ، وغيرهما على هذه الرواية أن تصرفه يوقف ويترك عند ثقة ، كالرواية الثالثة . قلت    : وهو ظاهر كلام  المصنف  هنا . قال ابن منجا  وغيره : المذهب لا يزول ملكه بردته . ويكون ملكه موقوفا . وكذلك تصرفاته على المذهب . انتهى . 
قال في الفروع : وجعل في الترغيب كلام  القاضي  وأصحابه وكلام  المصنف  واحدا . كذا ذكره  القاضي  في الخلاف وتبعه ابن البنا  وغيره على ذلك . وذكر أن  الإمام أحمد  رحمه الله نص عليه . لكن لم يقولوا : إنه يترك عند ثقة ، بل قالوا : يمنع منه . وهذا معنى كلام ابن الجوزي    .  [ ص: 341 ] فإنه ذكر : أنه يوقف تصرفه . فإن أسلم بعد ذلك ، وإلا بطل . وأن الحاكم يحفظ بقية ماله . قالوا : فإن مات : بطلت تصرفاته تغليظا عليه بقطع ثوابه ، بخلاف المريض . وقيل : إن لم يبلغ تصرفه الثلث : صح . وقال في المحرر ، ومن تبعه على الرواية الأولى التي قدمها ، وهي المذهب : يقر بيده ، وتنفذ فيه معاوضاته ، وتوقف تبرعاته ، وترد بموته مرتدا . لأن حكم الردة حكم المرض المخوف . وإنما لم ينفذ من ثلثه ; لأن ماله يصير فيئا بموته مرتدا . ولو كان قد باع شقصا أخذ بالشفعة . وقيل : يصح تبرعه المنجز ، وبيع الشقص المشفوع ، واختاره في الرعايتين . زاد في الكبرى : فإن أسلم اعتبر من الثلث . وعلى الثانية : يجعل في بيت المال . ولا يصح تصرفه فيه . لكن إن أسلم : رد إليه ملكا جديدا . وعليها أيضا : لا نفقة لأحد في الردة ، ولا يقضى دين تجدد فيها . فإن أسلم ملكه إذن ، وإلا بقي فيئا . وعلى الثالثة : يحفظه الحاكم ، وتوقف تصرفاته كلها . 
ويحتمله كلام  المصنف  أيضا . فإن أسلم : أمضيت ، وإلا تبينا فسادها . وعلى الأولى والثالثة : ينفق منه على من تلزمه نفقته ، وتقضى ديونه . فإن أسلم أخذه أو بقيته . ونفذ تصرفه ، وإلا بطل . قال في الرعاية الكبرى : وعلى الروايات الثلاث : يقضي منه ما لزمه قبل ردته ، من دين ونحوه . وينفق عليه منه مدة الردة . وقاله غيره .  [ ص: 342 ] فائدة : إنما يبطل تصرفه لنفسه . فلو تصرف لغيره بالوكالة : صح . ذكره  القاضي  ،  وابن عقيل    . 
				
						
						
