الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن نصب مناجل ، أو سكاكين ، وسمى عند نصبها فقتلت صيدا : أبيح ) . إذا سمى عند نصبها وقتلت صيدا ، فلا يخلو : إما أن يجرحه أو لا . [ ص: 421 ] فإن جرحه : حل بلا نزاع أعلمه . وإن لم يجرحه : لم يحل على الصحيح من المذهب ، نص عليه . وهو ظاهر ما جزم به في المذهب ، والمصنف هنا ، وغيره ، وقدمه في الفروع . وقيل : يحل مطلقا . ويحتمله كلام المصنف هنا . قال في الفروع : ويتوجه عليه حل ما قبلها .

تنبيه : حيث قلنا : يحل . فظاهره : ولو ارتد الناصب أو مات . قال في الفروع : وهو كقولهم : إذا ارتد أو مات بين رميه وإصابته . قوله ( وإن قتل بسهم مسموم : لم يبح . إذا غلب على الظن أن السم أعان على قتله ) .

وكذا قال في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والبلغة ، والمحرر ، والمغني ، والشرح ، والنظم ، والرعايتين ، والحاويين ، وإدراك الغاية ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم . وقال في الفروع : وإن قتله بسهم فيه سم قال جماعة : وظن أنه أعانه حرم . ونقل ابن منصور : إذا علم أنه أعان : لم يأكل . قال : وليس مثل هذا من كلام الإمام أحمد رحمه الله بمراد . وفي الفصول : إذا رمى بسهم مسموم : لم يبح . لعل السم أعان عليه . فهو كما لو شارك السهم تغريق بالماء . ومن أتى بلفظ الظن كالهداية ، والمذهب ، والمقنع ، والمحرر ، وغيرهم فمراده : احتمال الموت . ولهذا علله من علله منهم كالشيخ وغيره باجتماع المبيح والمحرم . كسهمي مسلم ومجوسي . [ ص: 422 ] وقالوا : فأما إن علم أن السم لم يعن على قتله ; لكون السم أوحى منه : فمباح . ولو كان الظن بمراد لكان الأولى . فأما إن لم يغلب على الظن أن السم أعان : فمباح . ونظير هذا من كلامهم في شروط البيع : فإن رأياه ثم عقدا بعد ذلك بزمن لا يتغير فيه ظاهرا .

وقولهم : في العين المؤجرة : يغلب على الظن بقاء العين فيها . وقد سبق ذلك . وقال في الكافي ، وغيره : إذا اجتمع في الصيد مبيح ومحرم مثل أن يقتله بمثقل ومحدد ، أو بسهم مسموم ، أو بسهم مسلم ومجوسي ، أو بسهم غير مسمى عليه ، أو كلب مسلم وكلب مجوسي ، أو غير مسمى عليه ، أو غير معلم ، أو اشتركا في إرسال الجارحة عليه ، أو وجد مع كلبه كلبا لا يعرف مرسله ، أو لا يعرف ، أو مع سهمه سهما كذلك : لم يبح . واحتج بالخبر { وإن وجدت معه غيره : فلا تأكل } وبأن الأصل الحظر . وإذا شككنا في المبيح : رد إلى أصله . انتهى . وقال في الترغيب : يحرم ، ولو مع جرح موح لا عمل للسم معه ; لخوف التضرر به . وكذا قال في الفصول ، وقال : لا نأمن أن السم تمكن من بدنه بحرارة الحياة فيقتل ، أو يضر آكله . وهما حرام . وما يؤدي إليهما حرام . انتهى كلام صاحب الفروع ، ونقله . وقد قال في الخلاصة : فإن رمى بسهم مسموم : لم يحل .

التالي السابق


الخدمات العلمية