الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وفي القتل العمد وشبهه : روايتان ) وأطلقهما في الرعاية الصغرى فيهما . أما العمد : فلا تجب فيه الكفارة على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . منهم أبو بكر ، وابن حامد ، والقاضي ، وولده أبو الحسين ، والشريف أبو جعفر ، وأبو الخطاب ، والشيرازي ، وابن البنا ، وغيرهم . قال المصنف ، والشارح ، وابن منجا في شرحه ، والمشهور في المذهب : أنه لا كفارة في قتل العمد . [ ص: 137 ] وقدمه في الرعاية الكبرى . وعنه : تجب ، اختارها أبو محمد الجوزي ، وجزم به في الوجيز ، والمنور ، وقدمه في المحرر ، والحاوي الصغير . قال الزركشي : وزعم القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما أن هذه الرواية اختيار الخرقي . قال : وليس في كلامه ما يدل على ذلك . وكذا قال في الهداية ، والفروع : إنه اختيار الخرقي . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والبلغة . وأما شبه العمد : فالصحيح من المذهب : وجوب الكفارة به ، نص عليه ، واختاره الشيرازي ، وابن البنا ، وغيرهما ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والبلغة ، والمحرر ، والوجيز ، والمنور ، وغيرهم . قال في الفروع : ويلزم على الأصح . قال المصنف : لا أعلم لأصحابنا في شبه العمد في وجوب الكفارة قولا . ومقتضى الدليل وجوب الكفارة .

والرواية الثانية : لا تجب كالعمد . قال المصنف والشارح : اختارها أبو بكر ، وظاهر كلام المصنف : أنها اختيار أبي بكر ، والقاضي . وكذا قال ابن منجا والذي حكاه الأصحاب فيها : إنما هو اختيار أبي بكر فقط . فلعل المصنف اطلع على أنه اختيار القاضي في موضع من كلامه . [ ص: 138 ] تنبيه : قال الزركشي : وقد وقع لأبي محمد في المقنع إجراء الروايتين في شبه العمد . وهو ذهول . فقد قال في المغني : لا أعلم لأصحابنا فيه قولا . قال ابن منجا بعد حكاية كلامه في المغني فحكاية الرواية في شبه العمد وقعت هنا سهوا . قال الشارح بعد حكاية كلامه في المغني : وقد ذكر شيخنا في الكتاب المشروح رواية أنه كالعمد ; لأن ديته مغلظة ، فظاهره أنه ما اطلع عليها إلا في هذا الكتاب . انتهى . قلت : وهذا الصواب . وقد ذكر هذه الرواية الناظم ، وابن حمدان في رعايتيه ، وصاحب الفروع ، وغيرهم . ولم يتعرضوا للنقل فيها . لكن قال الناظم : هي بعيدة . وقد عللها الشارح ، فقال : لأن ديته مغلظة . فكانت كالعمد .

فائدتان إحداهما : من لزمته كفارة ، ففي ماله مطلقا على الصحيح من المذهب . وقيل : ما حمله بيت المال من خطأ الإمام وحاكم ففي بيت المال . ويكفر الولي عن غير مكلف من ماله . الثانية : نقل مهنا : القتل له كفارة . والزنا له كفارة . ونقل الميموني : ليس بعد القتل شيء أشد من الزنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية