الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن ) ( اصطدم نفسان ) . قال في الروضة : بصيران ، أو ضريران ، أو أحدهما . قلت : وكذا قال المصنف والشارح . ( فماتا : فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر ) . [ ص: 36 ] هذا المذهب ، جزم به في الخرقي ، والمحرر ، والمغني ، والشرح ، والزركشي ، والنظم ، والوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم ، وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع . وقيل : يجب على عاقلة كل واحد منهما نصف الدية . وهو تخريج لبعضهم .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أنه سواء كان تصادمهما عمدا أو خطأ . وهو صحيح وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وقيل : إذا كان عمدا يضمنان دون عاقلتهما . وقال في الرعاية : وهو أظهر .

قوله ( وإن كانا راكبين ، فماتت الدابتان : فعلى كل واحد منهما قيمة دابة الآخر ) . وهذا المذهب . جزم به في المغني ، والشرح ، والمحرر ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، وغيره . وقيل : على كل واحد منهما نصف قيمة دابة الآخر ، وقدم في الرعايتين : إن غلبت الدابة راكبها بلا تفريط : لم يضمن . وجزم به في الترغيب ، والوجيز ، والحاوي الصغير .

قوله ( وإن كان أحدهما يسير ، والآخر واقفا ، فعلى السائر ضمان الواقف ودابته ، إلا أن يكون في طريق ضيق ، قاعدا أو واقفا . فلا ضمان عليه . وعليه ضمان ما تلف به ) . ذكر المصنف هنا مسألتين : إحداهما : ما يتلفه السائر إذا كان الآخر واقفا ، أو قاعدا . فقطع بضمان الواقف ودابته على السائر ، إلا أن يكون في طريق ضيق قاعدا أو واقفا . فلا ضمان عليه وهو أحد الوجهين . وهو المذهب منهما ، ونص عليه . [ ص: 37 ] جزم به في المغني ، والشرح ، والوجيز . وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغرى ، والحاوي . وقيل : يضمنه السائر سواء كان الواقف في طريق ضيق ، أو واسع ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والزركشي . وهو ظاهر كلام الخرقي . وأطلقهما في الفروع .

المسألة الثانية : ما يتلفه الواقف أو القاعد للسائر في الطريق الضيق . فجزم المصنف هنا : أنه يضمنه . وجزم به في الشرح ، وشرح ابن منجا . واختاره المصنف ، والصحيح من المذهب : أنه لا يضمن ، نص عليه ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع . وأما ما يتلف للسائر إذا كانت الطريق واسعا : فلا ضمان على الواقف والقاعد على الصحيح من المذهب ، وقطع به كثير منهم ، وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، والفروع ، وغيرهم . وقيل : يضمنه . ذكره الزركشي ، وغيره .

تنبيهان

أحدهما : قوله " فعلى السائر ضمان الواقف ودابته " . ضمان الواقف يكون على عاقلة السائر ، وضمان دابة الواقف على نفس السائر صرح به الأصحاب ، فظاهر كلام المصنف غير مراد .

الثاني : قوله " إلا أن يكون في طريق ضيق . قاعدا أو واقفا " . قال ابن منجا : لا بد أن يلحظ أن الطريق الضيق غير مملوك للواقف [ ص: 38 ] أو القاعد ; لأنه إذا كان مملوكا لم يكن متعديا بوقوفه فيه ، بل السائر هو المتعدي بسلوكه بملك غيره بغير إذنه . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية