الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( مسلما ، أو كتابيا ، ولو حربيا . فتباح ذبيحته ، ذكرا كان أو أنثى ) . وهذا المذهب في الجملة . وعليه الأصحاب . ( وعنه : لا تباح ذبيحة بني تغلب ، ولا من أحد أبويه غير كتابي ) [ ص: 387 ] وأطلقهما في الرعاية الكبرى فيهما . أما ذبيحة بني تغلب : فالصحيح من المذهب : إباحتها . وعليه الأكثر . قال ابن منجا : هذا المذهب . قال الشارح : وهو الصحيح . قال في الفروع في " باب المحرمات في النكاح " : وتحل مناكحة وذبيحة نصارى بني تغلب على الأصح . وقيل : هما في بقية اليهود والنصارى من العرب . انتهى ، واختار المصنف وغيره : إباحة ذبيحة بني تغلب . وعنه : لا تباح . قال الزركشي : وهي المشهورة عند الأصحاب . وأطلقهما الخرقي ، والرعايتين ، والحاويين . وتقدم نظير ذلك فيهم في " باب المحرمات في النكاح " . وقال في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، وغيرهم : وفي نصارى العرب روايتان . وأطلقوهما .

وأما من أحد أبويه غير كتابي : فظاهر كلام المصنف : أنه قدم إباحة ذبحه . وهو إحدى الروايتين . قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب ، وقدمه في النظم كالمصنف ، واختاره الشيخ تقي الدين وابن القيم رحمهما الله ، والصحيح من المذهب : أن ذبيحته لا تباح . قال في المغني ، والشرح ، قال أصحابنا : لا تحل ذبيحته . قال في الفروع في " باب المحرمات في النكاح " : ومن أحد أبويه كتابي فاختار دينه ، فالأشهر : تحريم مناكحته وذبيحته . [ ص: 388 ] وقال في الرعاية الصغرى : ولا تحل ذكاة من أحد أبويه الكافرين مجوسي أو وثني أو كتابي لم يختر دينه . وعنه : أو اختار . قال في الرعايتين ، قلت : إن أقر حل ذبحه ، وإلا فلا . وقال في الرعاية الكبرى ، قلت : فإن انتقل كتابي أو غيره إلى دين يقر أهله بكتاب وجزية ، وأقر عليه : حلت ذكاته وإلا فلا . وقال في المحرر في " باب عقد الذمة وأخذ الجزية " ومن أقررناه على تهود أو تنصر متجدد : أبحنا ذبيحته ومناكحته . وإذا لم نقره عليه بعد المبعث وشككنا : هل كان منه قبله أو بعده ؟ قبلت جزيته ، وحرمت مناكحته وذبيحته انتهى .

وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : كل من تدين بدين أهل الكتاب فهو منهم ، سواء كان أبوه أو جده قد دخل في دينهم أو لم يدخل . وسواء كان دخوله بعد النسخ والتبديل ، أو قبل ذلك . وهو المنصوص الصريح عن الإمام أحمد رحمه الله . وإن كان بين أصحابه خلاف معروف . وهو الثابت عن الصحابة رضي الله عنهم بلا نزاع بينهم . وذكر الطحاوي : أنه إجماع قديم . انتهى ، وجزم في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والحاويين ، وغيرهم : أن ذبيحة من أحد أبويه غير كتابي : غير مباحة . قال الشارح : قال أصحابنا : لا تحل ذبيحة من أحد أبويه غير كتابي ، وجزم به ناظم المفردات . وهو منها . وكذلك صيده .

وقال في الترغيب : في الصائبة روايتان . مأخذهما : هل هم فرقة من النصارى أم لا ؟ [ ص: 389 ] ونقل حنبل : من ذهب مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه قال " هم يسبتون " جعلهم رضي الله عنه بمنزلة اليهود ، وكل من يصير إلى كتاب فلا بأس بذلك . وقيل : لا يصح أن يذبح اليهودي الإبل في الأصح . وعنه : لا تصح ذبيحة الأقلف الذي لا يخاف بختانه . ونقل حنبل في الأقلف لا صلاة له ولا حج . وهي من تمام الإسلام . ونقل فيه الجماعة : لا بأس . وقال في المستوعب : يكره من جنب ونحوه . ونقل صالح وغيره : لا بأس . ونقل حنبل : لا يذبح الجنب . ونقل أيضا في الحائض : لا بأس . وقال في الرعاية ، وعنه : تكره ذبيحة الأقلف والجنب والحائض والنفساء قوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية