قلت : أرأيت لو أن صبيا تزوج امرأة بإذن أبيه قد كان طلقها زوجها قبل ذلك ألبتة فدخل بها هذا الصبي فجامعها ومثله يجامع إلا أنه لم يحتلم فمات عنها هذا الصبي ، أيحلها جماعه إياها لزوجها الذي كان طلقها ألبتة في قول مالك ؟
قال : قال مالك : لا يحلها ذلك لزوجها لأن وطء هذا الصبي ليس بوطء وإنما الوطء ما يجب فيه الحدود .
قلت : أتقع بذلك الحرمة فيما بين آبائه وأولاد هذا الصبي وبين هذه المرأة ؟
قال : نعم بالعقدة تقع الحرمة في قول مالك قبل الجماع قال : وسمعت مالكا يقول في المسلم يطلق النصرانية ثم يتزوجها النصراني ويدخل بها إن ذلك ليس يحلها لزوجها .
قال مالك : لأن نكاحهم ليس بنكاح المسلمين .
قلت : ولم وهم يثبتون على هذا النكاح إن أسلموا ؟
قال : قال مالك : هو نكاح إن أسلموا .
قال ابن القاسم : وابن وهب وعلي عن مالك عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير عن أبيه { أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته تميمة بنت وهب [ ص: 211 ] على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ، فنكحها عبد الرحمن بن الزبير ، فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الذي كان طلقها . قال عبد الرحمن فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عن تزويجها ، وقال : لا تحل لك حتى تذوق العسيلة } .
يونس عن ابن شهاب أنه قال : فمن أجل ذلك لا يحل لمن بت طلاق امرأته أن يتزوجها حتى تتزوج زوجا غيره ويدخل بها ويمسها .
يزيد بن عياض أنه سمع نافعا يقول إن رجلا سأل ابن عمر عن التحليل فقال ابن عمر عرفت عمر بن الخطاب لو رأى شيئا من هذا لرجم فيه .
ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم منهم ابن لهيعة والليث عن محمد بن عبد الرحمن المرادي أنه سمع أبا مرزوق التجيبي يقول : إن رجلا طلق امرأته ثلاثا ثم ندما وكان لهما جار فأراد أن يحلل بينهما بغير علمهما ، قال : فلقيت عثمان بن عفان وهو راكب على فرسه ، فقلت : يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فقف علي فقال : إني على عجل فاركب ورائي ، ففعل ثم قص عليه الأمر فقال له عثمان لا إلا بنكاح رغبة غير هذا السنة .
يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي جعفر عن شيخ من الأنصار قديم يقال له أبو عامر عن عثمان بهذا قال عبيد الله فحسبت أنه قال : ولا أستهزئ بكتاب الله .
وأخبرني رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن المسيب وطاوس وعبد الله بن يزيد بن هرمز والوليد بن عبد الملك وغيرهم من التابعين مثله .
قال ابن المسيب لو فعلت كان عليك إثمهما ما بقيا .
قال الوليد كنت أسمع يقال إن الزنا ثلاثة الرجل والمحلل والمرأة ، وقال بعضهم اتق الله ولا تكن مسمار نار في كتاب الله ، فقلت لمالك : إنه يحتسب في ذلك فقال يحتسب في غير هذا وقال الليث لا ينكح بنكاح رغبة .


