الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن استقاله في آخر دمها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : فعلى البائع المستقيل أن يستبرئ لنفسه وله المواضعة على المقيل .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم وهي لم تحل للمشتري حتى تخرج من دمها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنها إذا دخلت في الدم من أول ما تدخل في الدم فمصيبتها من المشتري وقد حل للمشتري أن يقبل وأن يصنع بها ما يصنع الرجل بجاريته إذا حاضت ، وإن أقال المشتري البائع في الدم أو في عظمه رأيته بمنزلة رجل اشترى جارية في أول دمها أو في عظمه ، فإن أقاله في آخر دمها كان بمنزلة رجل اشترى جارية في آخر دمها فلا تجزئه تلك الحيضة .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم أمرت البائع حين استقاله في آخر دمها أن يستبرئ ، والمشتري لم يحل له وطؤها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن الجارية قد تحمل في آخر الدم إذا وطئت فيه ، فلا أدري ما أحدثت الجارية ، وهي لو اشتريت في هذه الحال لم تجز من اشتراها هذه الحيضة فإنما يحمل هذا محمل الاشتراء الحادث قال : وقال مالك في الذي يشتري الجارية في آخر دمها : إنه لا تجزئه من الاستبراء وعليه أن يستبرئ استبراء آخر وله المواضعة وعهدته قائمة .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب عن عقبة بن نافع المعافري عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال في الرجل يشتري الجارية وهي حائض هل تبرئها تلك الحيضة ؟ قال يحيى : أدركنا الناس [ ص: 370 ] وهو أمرهم إلى اليوم أن الوليدة إذا اشتريت فإنما يبرئها ويسلم للذي اشتراها إذا حاضت حيضة واحدة .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه قال : يقال : أيما رجل ابتاع وليدة تحيض فوضعت على يدي رجل حتى تحيض فماتت فهي من صاحبها حتى تحيض ، وكل عهدة على ذلك ، قال بكير : ويقال : أيما رجل ابتاع وليدة فأراد أن يخاصم فيها لم يحل له أن يطأها وفي نفسه خصومة صاحبها فيها .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وأخبرني ابن لهيعة عن أبي جعفر عن زيد بن إسحاق الأنصاري أن عمر بن الخطاب قضى في جارية وضعت على يدي رجل حتى تحيض فماتت بأنها من البائع .

                                                                                                                                                                                      أخبرني يونس عن ابن شهاب مثله قال ابن شهاب : وإن كانت حاضت فهي من المبتاع .

                                                                                                                                                                                      قال يونس عن ابن شهاب في رجل اشترى جارية من آخر فدعاه إلى ثمنها ، فقال : سوف فماتت الوليدة عند البائع قال : إن كانت الوليدة ماتت في العهدة قبل أن تحيض فهي من البائع وإن كانت حاضت فهي من المبتاع وإن وضعاها على يدي عدل فكذلك أيضا .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية