الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت الرجل إذا كاتب عبده ومدبره كتابة واحدة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ذلك جائز ، فإن هلك السيد وكان له مال يخرج المدبر من الثلث عتيقا عتق ويوضع عن صاحبه حصة المدبر من الكتابة ويسعى العبد المكاتب فيما بقي من الكتابة .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولا يلزم هذا المدبر أن يسعى مع هذا الآخر فيما بقي ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم وأنت تقول : لو أن السيد كاتب عبدين له كتابة واحدة فأعتق أحدهما وهو قوي على السعاية إن عتقه غير جائز إلا أن يسلم صاحبه المعتق ويرضى بذلك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن المدبر لم يعتقه السيد بأمر يبتدئه بعد الكتابة إنما أعتق على السيد لأمر لزوم السيد قبل الكتابة ، فلا بد من أن يعتق على السيد على ما أحب صاحبه أو كره ، وتوضع عن صاحبه حصة المدبر من الكتابة ، وتسقط عنه حصة المدبر من الكتابة .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم لا يسعى المدبر مع صاحبه وإن خرج حرا أليس هو ضامنا لما على صاحبه من حصة صاحبه من الكتابة وصاحبه أيضا كان ضامنا لما على المدبر من حصته من الكتابة فلم لا يلزمه السعاية بالضمان ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن صاحبه قد علم حين دخل معه في [ ص: 524 ] الكتابة أنه يعتق بموت السيد ولا يجوز أن يضمن حر كتابة مكاتب لسيده لأن السيد لم يعتقه لأمر يبتدئه بعد الكتابة إنما أعتق على السيد بأمر لزمه على ما أحب صاحبه أو كره فلا ينبغي أن يضمن حر كتابة المكاتب وإن لم يخرج المدبر من الثلث عتق منه ما حمل الثلث وسقط عنه من الكتابة بقدر ذلك ، وسعى هو وصاحبه في بقية الكتابة لأنه لا عتق لواحد منهما إلا بصاحبه فأيهما أدى منهما رجع على صاحبه بما يصيبه مما أدى عنه ، وإنما يسعى من المدبر ما بقي فيه من الرق فيه .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون وقال أشهب : لا يجوز أن يعقد كتابة عبدين له أحدهما مدبر والآخر غير مدبر لأنه غرر .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية