6284 ص: فإن قال قائل: فقد رويتم عن في هذا الفصل عن النبي -عليه السلام- أنه أباح لحوم الأضاحي بعدما قد كان نهى عنه ثم رويتم عنه -في الفصل الذي قبل ذلك الفصل- أنه خطب الناس، علي -رضي الله عنه- محصور فقال: لا تأكلوا من لحوم أضاحيكم بعد ثلاثة أيام، وإن رسول الله -عليه السلام- كان يأمر بذلك، فقد دل ذلك على أن رسول الله -عليه السلام- قد كان نهى عن ذلك بعدما قد أباحه حتى تتفق معاني ما رويتموه عن علي -رضي الله عنه- من هذا. وعثمان -رضي الله عنه-
قيل له: ما في هذا دليل على ما ذكرت؛ لأنه قد يجوز أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان نهى عن لشدة كان الناس فيها ثم ارتفعت تلك الشدة فأباح لهم لذلك، ثم عاد ذلك في وقت ما خطب لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام؛ بالناس فأمرهم بما كان رسول الله -عليه السلام- أمر به في مثل ذلك والدليل على ما ذكرنا من هذا: علي -رضي الله عنه-
أن حدثنا قال: ثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا أبو حذيفة ، ثنا سفيان عبد الرحمن بن عابس ، عن قال: " أبيه -رضي الله عنها- فقلت: يا أم المؤمنين أحرم رسول الله -عليه السلام- أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام؟ فقالت: إنما فعل ذلك في عام جاع الناس فيه، فأراد أن يطعم الغني الفقير قالت: ولقد كنا نرفع الكراع خمس عشرة ليلة". عائشة دخلت على .
فدل هذا الحديث أن ذلك النهي إنما كان من رسول الله -عليه السلام- للعارض المذكور في هذا الحديث، فلما ارتفع ذلك العارض أباح لهم رسول الله -عليه السلام- ما قد كان حظره عليهم على ما ذكرناه في الآثار الأول التي في الفصل الذي قبل هذا فكذلك ما فعله علي -رضي الله عنه- في زمن عثمان -رضي الله عنه- وأمر به الناس بعد علمه بإباحة رسول الله -عليه السلام- ما قد نهاهم هو عنه إنما كان ذلك منه -عندنا والله أعلم- لضيق كانوا فيه مثل ما كانوا في زمن رسول الله -عليه السلام- في الوقت الذي نهاهم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام فأمرهم في أيامهم بمثل ما كان رسول الله -عليه السلام- أمر به الناس في مثلها.
[ ص: 37 ]