3372 (30) باب
في غزوة ذي قرد وما تضمنته من الأحكام
[ 1320 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660380قدمنا الحديبية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن أربع عشرة مائة ، وعليها خمسون شاة لا ترويها. قال: فقعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جبا الركية فإما دعا ، وإما بسق فيها. قال: فجاشت فسقينا واستقينا ، قال: ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعانا للبيعة في أصل الشجرة. قال فبايعته أول الناس ، ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسط من أول الناس . قال: nindex.php?page=treesubj&link=30870_30958_32303_24549_33175_25558_33405_8134_33407_33408_8517_8949_28847_30840_29388_30861_31303_32625_16359_16369_7650_33398_8392بايع يا سلمة ، قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس . قال : وأيضا . قال : ورآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عزلا -يعني ليس معه سلاح- قال: فأعطاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجفة أو درقة ، ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال: "ألا تبايعني يا سلمة". قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس، وفي أسط الناس، قال: وأيضا. قال: فقد بايعته الثالثة ثم قال لي: "يا سلمة! أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟ قال قلت: يا رسول الله لقيني عمي عامر عزلا فأعطيته إياها . قال: فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: "إنك كالذي قال الأول: اللهم أبغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي". ثم إن المشركين راسلونا الصلح ، حتى مشى بعضنا في بعض ، واصطلحنا قال : وكنت تبيعا nindex.php?page=showalam&ids=55لطلحة بن عبيد الله أسقي فرسه ، وأحسه ، وأخدمه وآكل من طعامه ، وتركت أهلي ومالي ، مهاجرا إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-. قال: فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها ، فاضطجعت في أصلها. قال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة ، فجعلوا يقعون في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأبغضتهم ، فتحولت إلى شجرة أخرى ، وعلقوا سلاحهم ، واضطجعوا فبينما هم كذلك ، إذ نادى مناد من أسفل الوادي : يا للمهاجرين! قتل ابن زنيم . قال : فاخترطت سيفي ، ثم شددت على أولئك الأربعة، وهم رقود ، وأخذت سلاحهم فجعلته ضغثا في يدي ، قال: ثم قلت : والذي كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه ، قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: وجاء عمي عامر برجل من العبلات ، يقال له مكرز ، يقوده إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فرس مجفف في سبعين من المشركين ، فنظر إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: "دعوهم يكن لهم بدء الفجور ، وثناه" فعفا عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وأنزل الله nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم [الفتح: 24] الآية كلها. قال: ثم خرجنا راجعين إلى المدينة ، فنزلنا منزلا ، بيننا وبين بني لحيان جبل ، وهم المشركون ، فاستغفر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمن رقي هذا الجبل الليلة كأنه طليعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه . قال سلمة: فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثا ، ثم قدمنا المدينة فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بظهره مع رباح غلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأنا معه ، وخرجت معه بفرس nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة أنديه مع الظهر ، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستاقه أجمع ، وقتل راعيه قال فقلت: يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله ، وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن المشركين قد أغاروا على سرحه ، قال: ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة فناديت ثلاثا: يا صباحاه! ثم خرجت في آثار القوم أرميهم وأرتجز أقول :
أنا nindex.php?page=showalam&ids=119ابن الأكوع واليوم يوم الرضع
فألحق رجلا منهم ، فأصك سهما في رحله ، حتى خلص النصل إلى كتفه .
قال: قلت خذها:
وأنا nindex.php?page=showalam&ids=119ابن الأكوع واليوم يوم الرضع
قال: فوالله ما زلت أرميهم ، وأعقر بهم ، فإذا رجع إلي فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها ثم رميته ، فعقرت به ، حتى إذا تضايق الجبل ، فدخلوا في تضايقه ، علوت الجبل فجعلت أرميهم بالحجارة، قال: فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا خلفته وراء ظهري ، وخلوا بيني وبينه ، ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحا ، يستخفون ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة ، يعرفها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ، حتى أتوا متضايقا من ثنية ، فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري ، فجلسوا يتضحون يعني يتغدون، وجلست على رأس قرن. قال الفزاري: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البرح ، والله ما فارقنا منذ غلس يرمينا ، حتى انتزع كل شيء في أيدينا. قال: فليقم إليه نفر منكم أربعة. قال فصعد إلي منهم أربعة في الجبل. قال: فلما أمكنوني من الكلام ، قال: قلت هل تعرفوني؟ قالوا: لا ، ومن أنت ؟ قال: قلت: أنا nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع والذي كرم وجه محمد -صلى الله عليه وسلم- ، لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته ، ولا يطلبني فيدركني ، قال: أحدهم أنا أظن قال: فرجعوا فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يتخللون الشجر. قال فإذا أولهم الأخرم الأسدي على إثره nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة الأنصاري ، وعلى إثره nindex.php?page=showalam&ids=53المقداد بن الأسود الكندي ، قال فأخذت: بعنان الأخرم. قال فولوا مدبرين قلت: يا أخرم احذرهم لا يقتطعوك حتى يلحق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ، قال: يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر ، وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة قال: فخليته فالتقى هو وعبد الرحمن قال: فعقر بعبد الرحمن فرسه ، فطعنه عبد الرحمن فقتله، وتحول على فرسه. ولحق nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة فارس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعبد الرحمن فطعنه فقتله، فوالذي كرم وجه محمد -صلى الله عليه وسلم- لتبعتهم أعدو على رجلي، حتى ما أرى ورائي من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا غبارهم شيئا، حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء، يقال له: ذو قرد; ليشربوا منه ، وهم عطاش ، قال: فنظروا إلي أعدو وراءهم فحليتهم عنه (يعني أجليتهم عنه) فما ذاقوا منه قطرة قال: ويخرجون ويشتدون في ثنية قال: فأعدو فألحق رجلا منهم وأصكه بسهم في نغض كتفه. قال قلت: خذها:
وأنا nindex.php?page=showalam&ids=119ابن الأكوع واليوم يوم الرضع
قال: يا ثكلته أمه أكوعه بكرة. قال: قلت: نعم يا عدو نفسه أكوعك بكرة. قال وأردوا فرسين على الثنية. قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن ، وسطيحة فيها ماء ، فتوضأت وشربت ، ثم أتيت رسول الله، وهو على الماء الذي حليتهم عنه ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قد أخذ تلك الإبل وكل شيء استنقذته من المشركين، وكل رمح وكل بردة ، وإذا nindex.php?page=showalam&ids=115بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم، وإذا هو يشوي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كبدها وسنامها قال: قلت يا رسول الله! خلني فأنتخب من القوم مائة رجل فأتبع القوم، فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته. قال: فضحك رسول الله، -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه في ضوء النار، فقال: "يا سلمة! أتراك كنت فاعلا؟" قلت: نعم والذي أكرمك. قال: "إنهم الآن ليقرون في أرض غطفان" . قال فجاء رجل من غطفان فقال: نحر لهم فلان جزورا ، فلما كشفوا جلدها رأوا غبارا فقالوا: أتاكم القوم ، فخرجوا هاربين فلما أصبحنا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "كان خير فرساننا اليوم nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة ، وخير رجالتنا سلمة". قال: ثم أعطاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سهمين: سهم الفارس ، وسهم الراجل، فجمعهما لي جميعا، ثم أردفني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة قال: فبينا نحن نسير ، قال: وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدا، قال: فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة؟ هل من مسابق؟ فجعل يعيد ذلك، قال: فلما سمعت كلامه قلت: أما تكرم كريما؟ ولا تهاب شريفا؟ قال: لا ، إلا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. قال: قلت: يا رسول الله! بأبي وأمي ذرني فلأسبق الرجل. قال: "إن شئت". قال: قلت: اذهب إليك، قال : وثنيت رجلي فطفرت، فعدوت، قال: فربطت عليه شرفا أو شرفين، أستبقي نفسي، ثم عدوت في إثره فربطت عليه شرفا أو شرفين، قال ثم إني رفعت حتى ألحقه، قال: فأصكه بين كتفيه ، قال: قلت: قد سبقت والله، قال: أنا أظن، قال: فسبقته إلى المدينة قال: فوالله ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قال: فجعل عمي عامر يرتجز بالقوم:
تالله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: من هذا؟. قال: أنا عامر، قال: غفر لك ربك. قال وما استغفر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإنسان يخصه، إلا استشهد، قال: فنادى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وهو على جمل له: يا نبي الله، لولا ما متعتنا بعامر؟ قال: فلما قدمنا خيبر ، قال: خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال: وبرز له عمي عامر فقال:
قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مغامر
قال: فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر، وذهب عامر يسفل له، فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله ، فكانت فيها نفسه.
قال سلمة: فخرجت فإذا نفر من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يقولون: بطل عمل عامر، قتل نفسه، قال: فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله! بطل عمل عامر؟ قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: من قال ذلك؟ قال: قلت: ناس من أصحابك، قال: "كذب من قال ذلك، بل له أجره مرتين". ثم أرسلني إلى nindex.php?page=showalam&ids=8علي وهو أرمد ، فقال: "لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، أو يحبه الله ورسوله". قال: فأتيت nindex.php?page=showalam&ids=8عليا فجئت به أقوده ، وهو أرمد حتى أتيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فبسق في عينيه ، فبرأ ، وأعطاه الراية، وخرج مرحب فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فقال nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه :
أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
قال: فضرب رأس مرحب فقتله، ثم كان الفتح على يديه .
رواه مسلم (1807).
[ ص: 669 ]
3372 (30) بَابٌ
فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْأَحْكَامِ
[ 1320 ] عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=119سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660380قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ مِائَةً ، وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لَا تُرْوِيهَا. قَالَ: فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى جَبَا الرَّكِيَّةِ فَإِمَّا دَعَا ، وَإِمَّا بَسَقَ فِيهَا. قَالَ: فَجَاشَتْ فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ. قَالَ فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ ، ثُمَّ بَايَعَ وَبَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَسَطٍ مِنْ أَوَّلِ النَّاسِ . قَالَ: nindex.php?page=treesubj&link=30870_30958_32303_24549_33175_25558_33405_8134_33407_33408_8517_8949_28847_30840_29388_30861_31303_32625_16359_16369_7650_33398_8392بَايِعْ يَا سَلَمَةُ ، قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ . قَالَ : وَأَيْضًا . قَالَ : وَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَزِلًا -يَعْنِي لَيْسَ مَعَهُ سِلَاحٌ- قَالَ: فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَجَفَةً أَوْ دَرَقَةً ، ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ قَالَ: "أَلَا تُبَايِعُنِي يَا سَلَمَةُ". قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ، وَفِي أَسْطِ النَّاسِ، قَالَ: وَأَيْضًا. قَالَ: فَقَدْ بَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ ثُمَّ قَالَ لِي: "يَا سَلَمَةُ! أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ؟ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ عَزِلًا فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا . قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "إِنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الْأَوَّلُ: اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي". ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ ، حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا فِي بَعْضٍ ، وَاصْطَلَحْنَا قَالَ : وَكُنْتُ تَبِيعًا nindex.php?page=showalam&ids=55لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَسْقِي فَرَسَهُ ، وَأَحُسُّهُ ، وَأَخْدِمُهُ وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِ ، وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي ، مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. َقَالَ: فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا ، فَاضْطَجَعْتُ فِي أَصْلِهَا. قَالَ: فَأَتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَبْغَضْتُهُمْ ، فَتَحَوَّلْتُ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى ، وَعَلَّقُوا سِلَاحَهُمْ ، وَاضْطَجَعُوا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ ، إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي : يَا لَلْمُهَاجِرِينَ! قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ . قَالَ : فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي ، ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةِ، وَهُمْ رُقُودٌ ، وَأَخَذْتُ سِلَاحَهُمْ فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا فِي يَدِي ، قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ : وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لَا يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَأْسَهُ إِلَّا ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاهُ ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِرَجُلٍ مِنَ الْعَبَلَاتِ ، يُقَالُ لَهُ مِكْرَزٌ ، يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فَرَسٍ مُجَفَّفٍ فِي سَبْعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "دَعُوهُمْ يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ ، وَثِنَاهُ" فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنْزَلَ اللَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ [الْفَتْحِ: 24] الْآيَةَ كُلَّهَا. قَالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا ، بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي لِحْيَانَ جَبَلٌ ، وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ ، فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ رَقِيَ هَذَا الْجَبَلَ اللَّيْلَةَ كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ . قَالَ سَلَمَةُ: فَرَقِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِظَهْرِهِ مَعَ رَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، وَأَنَا مَعَهُ ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةَ أُنَدِّيهِ مَعَ الظَّهْرِ ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَزَارِيُّ قَدْ أَغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ ، وَقَتَلَ رَاعِيَهُ قَالَ فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ خُذْ هَذَا الْفَرَسَ فَأَبْلِغْهُ nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ ، قَالَ: ثُمَّ قُمْتُ عَلَى أَكَمَةٍ فَاسْتَقْبَلْتُ الْمَدِينَةَ فَنَادَيْتُ ثَلَاثًا: يَا صَبَاحَاهْ! ثُمَّ خَرَجْتُ فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ وَأَرْتَجِزُ أَقُولُ :
أَنَا nindex.php?page=showalam&ids=119ابْنُ الْأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
فَأَلْحَقُ رَجُلًا مِنْهُمْ ، فَأَصُكُّ سَهْمًا فِي رَحْلِهِ ، حَتَّى خَلَصَ النَّصْلُ إِلَى كَتِفِهِ .
قَالَ: قُلْتُ خُذْهَا:
وَأَنَا nindex.php?page=showalam&ids=119ابْنُ الْأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ أَرْمِيهِمْ ، وَأَعْقِرُ بِهِمْ ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَجَلَسْتُ فِي أَصْلِهَا ثُمَّ رَمَيْتُهُ ، فَعَقَرْتُ بِهِ ، حَتَّى إِذَا تَضَايَقَ الْجَبَلُ ، فَدَخَلُوا فِي تَضَايُقِهِ ، عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِالْحِجَارَةِ، قَالَ: فَمَا زِلْتُ كَذَلِكَ أَتْبَعُهُمْ حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ بَعِيرٍ مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي ، وَخَلَّوْا بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً وَثَلَاثِينَ رُمْحًا ، يَسْتَخِفُّونَ وَلَا يَطْرَحُونَ شَيْئًا إِلَّا جَعَلْتُ عَلَيْهِ آرَامًا مِنَ الْحِجَارَةِ ، يَعْرِفُهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ ، حَتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقًا مِنْ ثَنِيَّةٍ ، فَإِذَا هُمْ قَدْ أَتَاهُمْ فُلَانُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ ، فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ يَعْنِي يَتَغَدَّوْنَ، وَجَلَسْتُ عَلَى رَأْسِ قَرْنٍ. قَالَ الْفَزَارِيُّ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَى؟ قَالُوا: لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحَ ، وَاللَّهِ مَا فَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ يَرْمِينَا ، حَتَّى انْتَزَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَيْدِينَا. قَالَ: فَلْيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ. قَالَ فَصَعِدَ إِلَيَّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ فِي الْجَبَلِ. قَالَ: فَلَمَّا أَمْكَنُونِي مِنَ الْكَلَامِ ، قَالَ: قُلْتُ هَلْ تَعْرِفُونِي؟ قَالُوا: لَا ، وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا nindex.php?page=showalam&ids=119سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، لَا أَطْلُبُ رَجُلًا مِنْكُمْ إِلَّا أَدْرَكْتُهُ ، وَلَا يَطْلُبُنِي فَيُدْرِكُنِي ، قَالَ: أَحَدُهُمْ أَنَا أَظُنُّ قَالَ: فَرَجَعُوا فَمَا بَرِحْتُ مَكَانِي حَتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ. قَالَ فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الْأَخْرَمُ الْأَسَدِيُّ عَلَى إِثْرِهِ nindex.php?page=showalam&ids=60أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ ، وَعَلَى إِثْرِهِ nindex.php?page=showalam&ids=53الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ ، قَالَ فَأَخَذْتُ: بِعِنَانِ الْأَخْرَمِ. قَالَ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ قُلْتُ: يَا أَخْرَمُ احْذَرْهُمْ لَا يَقْتَطِعُوكَ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ ، قَالَ: يَا سَلَمَةُ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ قَالَ: فَخَلَّيْتُهُ فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: فَعَقَرَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ ، فَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ، وَتَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِهِ. وَلَحِقَ nindex.php?page=showalam&ids=60أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو عَلَى رِجْلَيَّ، حَتَّى مَا أَرَى وَرَائِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا غُبَارِهِمْ شَيْئًا، حَتَّى يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ، يُقَالُ لَهُ: ذُو قَرَدٍ; لِيَشْرَبُوا مِنْهُ ، وَهُمْ عِطَاشٌ ، قَالَ: فَنَظَرُوا إِلَيَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ فَحَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ (يَعْنِي أَجْلَيْتُهُمْ عَنْهُ) فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً قَالَ: وَيَخْرُجُونَ وَيَشْتَدُّونَ فِي ثَنِيَّةٍ قَالَ: فَأَعْدُو فَأَلْحَقُ رَجُلًا مِنْهُمْ وَأَصُكُّهُ بِسَهْمٍ فِي نُغْضِ كَتِفِهِ. قَالَ قُلْتُ: خُذْهَا:
وَأَنَا nindex.php?page=showalam&ids=119ابْنُ الْأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
قَالَ: يَا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ. قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ أَكْوَعُكَ بُكْرَةً. قَالَ وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ عَلَى الثَّنِيَّةِ. قَالَ: فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ ، وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ ، فَتَوَضَّأْتُ وَشَرِبْتُ ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ، وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الْإِبِلَ وَكُلَّ شَيْءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَكُلَّ رُمْحٍ وَكُلَّ بُرْدَةٍ ، وَإِذَا nindex.php?page=showalam&ids=115بِلَالٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنَ الْإِبِلِ الَّذِي اسْتَنْقَذْتُ مِنَ الْقَوْمِ، وَإِذَا هُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! خَلِّنِي فَأَنْتَخِبُ مِنَ الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فَأَتَّبِعُ الْقَوْمَ، فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلَّا قَتَلْتُهُ. قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ، فَقَالَ: "يَا سَلَمَةُ! أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلًا؟" قُلْتُ: نَعَمْ وَالَّذِي أَكْرَمَكَ. قَالَ: "إِنَّهُمُ الْآنَ لَيُقْرَوْنَ فِي أَرْضِ غَطَفَانَ" . قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ فَقَالَ: نَحَرَ لَهُمْ فُلَانٌ جَزُورًا ، فَلَمَّا كَشَفُوا جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا فَقَالُوا: أَتَاكُمُ الْقَوْمُ ، فَخَرَجُوا هَارِبِينَ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ nindex.php?page=showalam&ids=60أَبُو قَتَادَةَ ، وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ". قَالَ: ثُمَّ أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَهْمَيْنِ: سَهْمَ الْفَارِسِ ، وَسَهْمَ الرَّاجِلِ، فَجَمَعَهُمَا لِي جَمِيعًا، ثُمَّ أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ ، قَالَ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لَا يُسْبَقُ شَدًّا، قَالَ: فَجَعَلَ يَقُولُ: أَلَا مُسَابِقَ إِلَى الْمَدِينَةِ؟ هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ؟ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلَامَهُ قُلْتُ: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا؟ وَلَا تَهَابُ شَرِيفًا؟ قَالَ: لَا ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِأَبِي وَأُمِّي ذَرْنِي فَلِأَسْبِقَ الرَّجُلَ. قَالَ: "إِنْ شِئْتَ". قَالَ: قُلْتُ: اذْهَبْ إِلَيْكَ، قَالَ : وَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ فَطَفَرْتُ، فَعَدَوْتُ، قَالَ: فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، أَسْتَبْقِي نَفَسِي، ثُمَّ عَدَوْتُ فِي إِثْرِهِ فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، قَالَ ثُمَّ إِنِّي رَفَعْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ، قَالَ: فَأَصُكُّهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، قَالَ: قُلْتُ: قَدْ سُبِقْتَ وَاللَّهِ، قَالَ: أَنَا أَظُنُّ، قَالَ: فَسَبَقْتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا لَبِثْنَا إِلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ:
تَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا فَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ هَذَا؟. قَالَ: أَنَا عَامِرٌ، قَالَ: غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ. قَالَ وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ، إِلَّا اسْتُشْهِدَ، قَالَ: فَنَادَى nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْلَا مَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ؟ قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ ، قَالَ: خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ يَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبٌ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
قَالَ: وَبَرَزَ لَهُ عَمِّي عَامِرٌ فَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ
قَالَ: فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ، وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ، فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ ، فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ.
قَالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ، قَتَلَ نَفْسَهُ، قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا أَبْكِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، قَالَ: "كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ". ثُمَّ أَرْسَلَنِي إِلَى nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَهُوَ أَرْمَدُ ، فَقَالَ: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ". قَالَ: فَأَتَيْتُ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ ، وَهُوَ أَرْمَدُ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَبَسَقَ فِي عَيْنَيْهِ ، فَبَرَأَ ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ
أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ
قَالَ: فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1807).
[ ص: 669 ]