الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1891 [ 986 ] وعنه أنه قال: يا رسول الله! أجد بي قوة على الصيام في السفر ، فهل علي جناح ؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه .

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 494)، ومسلم (1121 \ م) (107)، وأبو داود (2403)، والنسائي (4 \ 186-187) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله - صلى الله عليه وسلم - لحمزة بن عمرو : (إن شئت صم ، وإن شئت فأفطر) ; نص في [ ص: 179 ] التخيير . ولا يقال : يحتمل أنه سأله عن سرد صوم التطوع لوجهين :

                                                                                              أحدهما : قوله في الرواية الأخرى : ( هي رخصة من الله ، فمن أخذ بها فحسن ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه ) . ولا يقال في التطوع مثل هذا .

                                                                                              والثاني : أن حديثه هذا خرجه أبو داود ، وقال فيه : يا رسول الله ! إني صاحب ظهر أسافر عليه ، وأكريه في هذا الوجه ، وأنه ربما صادفني هذا الشهر - يعني : رمضان - وأنا أجد القوة ، وأنا شاب ، وأجدني أن أصوم أهون من أن أؤخره فيكون دينا علي ، أفأصوم يا رسول الله ! أعظم لأجري أو أفطر ؟ فقال : (أي ذلك شئت يا حمزة ) . وهذا نص: في أنه صوم رمضان .

                                                                                              وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (هو رخصة من الله ) ; دليل على أن الخطاب بالصوم متوجه لجميع المكلفين - مسافرين وغيرهم - ثم رخص لأهل الأعذار بسببها . وبيان ذلك : أن الرخصة حاصلها راجع إلى تخلف الحكم الجزم مع تحقق سببه لأمر خارج عن ذلك السبب ، كما تقوله في إباحة الميتة عند الضرورة . وبهذا يتحقق بطلان قول من قال : إن صوم المسافر لا ينعقد ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              وقوله : ( غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لست عشرة من رمضان ) ; قد اختلف الرواة في هذا ، ففي حديث التيمي ، وعمر بن عامر ، وهشام : (لثماني عشرة خلت من [ ص: 180 ] رمضان) . وفي حديث سعيد : (في ثنتي عشرة) . وفي حديث شعبة : (لسبع عشرة ، أو : تسع عشرة) . وقال الزهري : (صبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان) . وهذه أقوال مضطربة . والذي أطبق عليه أصحاب السير : أن خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - لغزوة الفتح كان لعشر خلون من رمضان ، ودخوله مكة كان في تسع عشرة . وهو أحسنها ، والله تعالى أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية