الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1767 [ 933 ] وعنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق) .

                                                                                              وفي لفظ آخر : " تكون أمتي فرقتين فيخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهم بالحق " قال أبو سعيد : وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق .

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 32 و 97)، ومسلم (1065)، وأبو داود (4667) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله في صفة المخدج : ( إحدى عضديه مثل ثدي المرأة ، ومثل البضعة تدردر ) ، وفي رواية : (طبي شاة ، أو ضرع شاة) . والضرع : للشاة والبقرة . والخلف : للناقة . قال أبو عبيد : الأخلاف لذوات الخف ، ولذوات الظلف ، والثدي : للمرأة . والثندوة للرجل . وتدردر ; أي : تتحرك وتضطرب . قال ابن قتيبة : تذهب وتجيء . وصيغة " تفعلل " تنبئ على التحرك والاضطراب ، مثل : تقلقل ، وتزلزل ، وتدهده الحجر .

                                                                                              وفي " الأم " : قال علي - وذكر الخوارج - : " فيهم رجل مخدج اليد ، أو مودن اليد ، أو مثدن اليد " ، على لفظ الشك لجميع الرواة ، وقال بعضهم : مثدون . وكذا هو عند العذري ، والطبري ، والباجي . فأما : " مخدج اليد " : فناقصها . ومثدن اليد ومثدونها " : صغيرها ومجتمعها ، بمنزلة ثندوة الرجل . وكان أصله مثند ، فقدمت الدال على النون ، كما قالوا : جبذ وجذب .

                                                                                              وقيل معناه : كثير اللحم . قال ابن دريد : ثدن الرجل ثدنا ، إذا كثر لحمه وثقل . وعلى هذا فلا يكون في الحرف قلب . فأما مودن ، فقال أبو مروان بن سراج : يهمز ولا يهمز . قال ابن دريد : رجل [ ص: 116 ] مودن ، ناقص الخلق . وودن ومودن ، وكله بالدال المهملة .

                                                                                              والذي يجمع شتات هذه الأحاديث في صفة يد هذا المخدج ، ويبين صفتها ما جاء في حديث زيد بن وهب الذي قال فيه : ( وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد ، ليس له ذراع ، على رأس عضده مثل حلمة الثدي ، عليه شعرات بيض ) ، وهذه الرواية : هي أحسن الروايات وأكملها وأبينها .

                                                                                              وقوله : ( يخرجون على خير فرقة ) ; كذا لأكثر الرواة ، وعند السمرقندي وابن ماهان : ( على حين فرقة ) - بالنون والحاء - وكلاهما صحيح . فإنهم خرجوا حين افترق الناس فرقتين ، فكانت فرقة مع معاوية ترى رأيه ، وتقاتل معه ، وفرقة مع علي رضي الله عنه ترى رأيه ، وتقاتل معه . وخرجت هذه الطائفة على علي ومعه معظم الصحابة رضي الله عنهم . ولا خلاف أنه الإمام العدل ، وأنه أفضل من معاوية ومن كل من كان معه ، فقد صدق على فرقة علي رضي الله عنه أنهم [ ص: 117 ] خير [الفرق] ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ( تقتلهم أولى الطائفتين بالحق ) ، ولا خلاف في أن عليا قتلهم ، ففرقته خير فرقة . وهذا اللفظ يدل على أن ما وقع بين علي وبين معاوية فيه لله تعالى حكم معين ، وأن عليا رضي الله عنه هو الذي أصابه ، والله أعلم .

                                                                                              وقوله : ( سبق الفرث والدم ) ، الفرث : ما يخرج من الكرش . وهذا لسرعة السهم وشدة النزع . وظاهره : أنه لم يصبه شيء ، إلا أنه مقيد بالحديث الآخر الذي قال فيه : ( يتمارى في الفوق ) .




                                                                                              الخدمات العلمية