وقوله: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق   الآية. 
قال  ابن عباس  ،  ومجاهد  ، وغيرهما: هي منسوخة بالأمر بالقتال، وبقتلهم حيث ثقفوا. 
وقوله: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ   : قال  قتادة:  المعنى: ما كان له ذلك في عهد الله. 
وقيل: ما كان له فيما سلف، كما ليس له الآن. 
وقوله: (إلا خطأ) : استثناء منقطع; أي: ما كان له أن يقتله ألبتة، لكن إن قتله خطأ، فعليه كذا. 
وروي: أن الآية نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي  حين قتل الحارث بن زيد العامري  خطأ، عن  مجاهد،  وعكرمة،  والسدي  . 
 [ ص: 309 ]  ابن زيد   : نزلت في  أبي الدرداء  حين قتل الراعي. 
وقوله: فتحرير رقبة مؤمنة   : لا يجزئ في قول كافة العلماء في الرقبة التي ذكرها الله ههنا: أعمى، ولا مقعد، ولا مقطوع اليدين أو الرجلين، ولا أشلهما، ويجزئ عند أكثرهم: الأعرج، والأعور،  مالك:  إلا أن يكون عرجا شديدا. 
ولا يجزئ عند  مالك  ،  والشافعي،  وأكثر العلماء: أقطع إحدى اليدين أو إحدى الرجلين، ويجزئ عند  أبي حنيفة  ، وأصحابه. 
ولا يجزئ عند أكثرهم: المجنون المطبق، [ولا يجزئ عند  مالك   : الذي يجن ويفيق، و يجزئ عند  الشافعي].  
ولا يجزئ عند  مالك  المعتق إلى سنين، و يجزئ عند  الشافعي.  
وقوله : ودية مسلمة إلى أهله  أي: إلى أهل القتيل، يؤديها عاقلة القاتل،  [ ص: 310 ] وقد بسطنا ذلك في "الكبير"، وذكرنا مقادير الديات، وغير ذلك من أحكام الجنايات والجراحات. 
وقوله: فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة  يعني: الرجل المؤمن يقتل وقومه كفار، لا مؤمن فيهم يستحق ديته; فلا دية على قاتله، وعليه عتق رقبة، روي معناه عن  ابن عباس  ، وغيره. 
وقيل: كان الرجل يسلم ويبقى مع قومه; فيقتل في الحرب، فنزلت الآية في ذلك، روي معناه عن  مالك  ، وغيره، وإنما يكون ذلك على هذا القول: إذا قتل في دار الحرب، وسواء -على قول  ابن عباس   - قتل في دار الحرب أو في دار المسلمين . 
وقوله: وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة  يريد: إن كان المقتول من قوم بينكم وبينهم عهد، فادفعوا إليهم الدية. 
قال  مالك:  هو المؤمن من قوم معاهدين، وقيل : هو الكافر من المعاهدين إذا عوهدوا على ذلك. 
فإن كان كتابيا; فديته عند  مالك  وغيره: نصف دية المسلم، وعند  الشافعي،   وأبي ثور،  وغيرهما : ثلث دية المسلم، وعند  أبي حنيفة  ، وأصحابه ، وغيرهم: ديته كدية المسلم. 
 [ ص: 311 ] ودية المجوسي  عند  مالك  ،  والشافعي،  وغيرهما: ثمان مئة درهم، وعند  أبي حنيفة  ، وأصحابه : مثل دية المسلم، وعن  عمر بن عبد العزيز   : نصف دية المسلم. 
وديات نساء الكفار:  نصف ديات رجالهم; كالحكم في نساء المسلمين. 
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين  يعني: بدلا من الرقبة 
الواجبة عند عدمها، وليس فيه إطعام. 
وقوله : ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها  الآية. 
قال كثير من العلماء: إن المعنى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا ، مستحلا لقتله، لا يراه حراما; فهو إذا فعل ذلك كافر بإجماع، وكذلك كل من أحل حراما ، أو حرم حلالا على سبيل الاعتقاد. 
وقيل: المعنى: فجزاؤه جهنم إن جازاه، ويجوز ألا يجازيه، ويدل على ذلك: أن الله ـ عز وجل ـ ذكر قتل النفس في جملة ما ذكره في (الفرقان) ، [68] ، ثم استثنى في الجميع التوبة، وقال: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء  ،  [ ص: 312 ] وقد جاءت في هذا أخبار; منها: ما روي عن  ابن عباس  أنه قال: التي في (الفرقان) [68] نزلت في أهل الشرك، وعن  زيد بن ثابت:  نزلت (النساء) بعد (الفرقان) بستة أشهر، وعنه: نزلت: ومن يقتل مؤمنا متعمدا  بعد: إن الله لا يغفر أن يشرك به  بأربعة أشهر، وكان  ابن عباس  و  ابن زيد  لا يريان للقاتل عمدا توبة، وكان  علي بن أبي طالب،   وابن عمر،  وغيرهما من السلف: يرون له التوبة ، وكان  ابن شهاب  إذا سأله سائل عن ذلك، قال له: أقتلت؟ فإن قال: لا، قال: لا توبة للقاتل عمدا، وإن قال: نعم; قال: له توبة. 
وقيل: إن هذه الآية نزلت في رجل بعينه ، أسلم، ثم ارتد وقتل مؤمنا. 
وقيل: نزلت في رجل من الأنصار،  قتل له ولي، فقبل الدية، ثم وثب على قاتله فقتله، وارتد، قاله  ابن جريج،  وغيره. 
 [ ص: 313 ] قال  الطبري   : جزاؤه جهنم حقا، ولكن الله يعفو ويتفضل على أهل الإيمان به وبرسوله; فلا يجازيهم بالخلود فيها، إما أن يعفو فلا يدخلهم، وإما أن يدخلهم ثم يخرجهم بفضل رحمته; لقوله: إن الله يغفر الذنوب جميعا   . 
وقتل العمد يكون عند  مالك  بحجر، أو عصا، أو حديد، وقال غيره : 
لا يكون إلا بحديد. 
وأثبت  الشافعي  وغيره شبه العمد;  وهو الضرب بخشبة ضخمة، أو حجر، ولم يره  مالك;  إذ لا نص فيه. 
وقوله: يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا  الآية. 
قال  ابن عباس   : نزلت في قوم من المسلمين، مروا براع، فقال: سلام عليكم، فقالوا: إنما تعوذ، فقتلوه، قال  ابن عباس  ،  وقتادة،  وغيرهما: كان من غطفان،  واسمه مرداس.  
 [ ص: 314 ]  ابن عمر:  هو عامر بن الأضبط.  
[قال  سعيد بن جبير]:  والقاتل: المقداد ابن الأسود،  وقال  ابن زيد   :  أبو الدرداء،  وقال  ابن عمر:  محلم بن جثامة بن قيس الليثي،  وقال  السدي:   أسامة بن زيد.  
وفي الخبر: أن الذي قتله دفن، فلفظته الأرض ثلاث مرات، فأمر به النبي 
صلى الله عليه وسلم، فألقي في غار، وقال: إن الأرض تقبل من هو شر منه  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					