الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) يعني: آدم عليه السلام، (وخلق منها زوجها) يعني: حواء.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس ، والحسن ، وغيرهما: خلقت حواء من ضلع من أضلاع آدم، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد ، وغيره: خلقت من قصيرى آدم.

                                                                                                                                                                                                                                      (وبث منهما رجالا) أي: نشر.

                                                                                                                                                                                                                                      (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) أي: تعاطفون به، عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك : تعاهدون وتعاقدون.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن ، ومجاهد ، وغيرهما: هو قولك: (أسألك بالله والرحم) .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة ، والسدي ، وغيرهما: المعنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 204 ] (إن الله كان عليكم رقيبا) أي: حفيظا، عن مجاهد ، ابن زيد : عليما.

                                                                                                                                                                                                                                      (إنه كان حوبا كبيرا) : (الحوب) : الإثم، وأصله: الزجر للجمل، فسمي الإثم (حوبا) ; لأنه يزجر عنه، و (التحوب) : التأثم، وهو أيضا: التحزن، وهو أيضا: الصياح الشديد، كالزجر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (مثنى وثلاث ورباع) اثنتين اثنتين، وثلاثا ثلاثا، وجاء ذلك على بدل (ثلاث) من (مثنى) ، و (رباع) من (ثلاث) ، ولذلك عطف بالواو، ولم يعطف بـ(أو) ، ولو جاء بـ(أو) ;) ; لجاز ألا يكون لصاحب المثنى ثلاث، ولا لصاحب الثلاث رباع.

                                                                                                                                                                                                                                      وليس قول من قال من جهلة المبتدعة: (إن هذه الآية أحلت تزويج تسع نسوة) بشيء نتشاغل بالرد على قائله; فالعرب لا تدع أن تقول: تسعة) ، وتقول: اثنان وثلاثة، وأربعة، وهذا خلف من الكفر، وعي من الابتداع.

                                                                                                                                                                                                                                      (فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) : أصل (الهنيء) : من (هنأت البعير) ; إذا طليته بالقطران; لتشفيه من مرض، فكأن الهنيء شفاء من فقر أو ما أشبهه، [ ص: 205 ] يقال: (هنأني الطعام، ومرأني) ، وكل ما لم أذكره في هذا الفصل; فقد تقدم ذكره في الأحكام.

                                                                                                                                                                                                                                      (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) : روي: أن آكل مال اليتيم يقوم من قبره ولهب النار يخرج من فيه، وأنفه، وعينيه، وأذنيه. وقيل: هو تمثيل; معناه: أن أكل ذلك يصيرهم إلى النار.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد : هي لأهل الشرك حين كانوا لا يورثونهم، ويأكلون أموالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      (وسيصلون سعيرا) : مأخوذ من (الصلا) ; وهو لزوم النار للإحراق، والتسخين، والإنضاج، و (السعير) : اشتعال النار.

                                                                                                                                                                                                                                      (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة) : قال عكرمة : الدنيا كلها جهالة.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد ، وقتادة : كل معصية لله جهالة، ولو أتى المعصية وهو لا يعلم أنها معصية، لكان خطأ.

                                                                                                                                                                                                                                      (ثم يتوبون من قريب) : قال الضحاك : كل ما دون الموت; فهو قريب، [ ص: 206 ] وقيل: إن ذلك قبل أن يعاين الملائكة.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "من تاب قبل أن يغرغر; قبل الله توبته".

                                                                                                                                                                                                                                      الربيع بن أنس : نزلت الأولى في المؤمنين; يعني: (إنما التوبة على الله) الآية، قال: والوسطى في المنافقين; يعني: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات) إلى قوله: (إني تبت الآن) ، قال: والأخرى في الكفار; يعني: قوله: (ولا الذين يموتون وهم كفار) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: بل كلها في المسلمين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض) : قال ابن عباس : (الإفضاء) : الغشيان، وقيل: هو الخلوة وإن لم يجامع، وأصله: المخالطة، والشيء المختلط: (فضى) ، مقصور.

                                                                                                                                                                                                                                      (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) : قال الحسن ، وابن سيرين وغيرهما: هو إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد ، وابن زيد: هي كلمة النكاح التي يستحل بها الفرج.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية