الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فاغسلوا وجوهكم : (غسل الوجه) : أن ينقل الماء إليه نقلا، ويمر يديه عليه حتى يعمه، ويجزئه مرة إذا أسبغ، فإن ثنى; فحسن، وإن ثلث; فهو الغاية، ولا يزيد على ثلاث، وليست الأذنان من الوجه، روي ذلك عن ابن عباس ، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قوم: ليستا من الوجه ولا من الرأس، وهو قول الشافعي، وأبي ثور.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزهري : هما من الوجه.

                                                                                                                                                                                                                                      الشعبي: ما أقبل منهما; فهو من الوجه، وظاهرهما من الرأس.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو موسى الأشعري: هما من الرأس.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي ذلك عن ابن عباس وغيره، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابه ، مالك: ويستأنف لهما الماء.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 410 ] ولا إعادة على من ترك مسحهما عند مالك ، والشافعي، وأبي حنيفة، وأصحابه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال إسحاق: إن تركهما عامدا; لم يجزئه، واستحب ابن حنبل أن يعيد

                                                                                                                                                                                                                                      إذا تركهما عامدا.

                                                                                                                                                                                                                                      والوضوء ثلاثة أنواع: فرض، وسنة، وفضيلة.

                                                                                                                                                                                                                                      ففروضه» ستة: النية، وغسل الوجه كله، وغسل اليدين إلى آخر المرفقين، والمسح بالرأس، على اختلاف بين العلماء في عمومه، وغسل الرجلين إلى آخر الكعبين، وما به يفعل ذلك، وهو الماء المطلق، على اختلاف فيه أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      وسننه سبع: غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، والمضمضة والاستنشاق، وغسل البياض الذي بين الصدغ والأذن، ومس الأذنين- - على الاختلاف المتقدم - وتجديد الماء للأذنين في قول مالك ومن وافقه، والترتيب.

                                                                                                                                                                                                                                      وفضائله ثلاث: السواك قبله، والتسمية على اختلاف فيها، وتكرار مغسوله مرتين أو ثلاثا.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يعيد إن ترك المضمضة والاستنشاق عند مالك ، والشافعي، وغيرهما، [ ص: 411 ] وقال عطاء، والزهري، وغيرهما: يعيد، وقال ابن حنبل: يعيد في الاستنشاق خاصة، أبو حنيفة، وأصحابه: يعيد إن تركهما في الجنابة، ولا يعيد إن تركهما في الوضوء.

                                                                                                                                                                                                                                      وليس تخليل اللحية عند مالك ، والشافعي، وأبي حنيفة بواجب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو ثور، وإسحاق: على من تركه الإعادة، قال إسحاق : إذا كان

                                                                                                                                                                                                                                      عامدا.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن جماعة من الصحابة والتابعين ، منهم علي بن أبي طالب،

                                                                                                                                                                                                                                      وابن عمر، والحسن ، ومجاهد : أنهم كانوا يخللون.

                                                                                                                                                                                                                                      [قوله: وأيديكم إلى المرافق ]: روى أشهب عن مالك : أن غسل المرفقين ليس بواجب; لأنه الحد الذي ينتهي إليه الغسل.

                                                                                                                                                                                                                                      و (اليد) في كلام العرب: من أطراف الأصابع إلى المنكب، ففرض الله ـ تعالى ـ غسل بعضها، وروى عنه غير أشهب: وجوب غسل المرفقين، وهو مذهب [ ص: 412 ] عطاء، والشافعي، وإسحاق.

                                                                                                                                                                                                                                      الطبري: غسلهما ندب; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أمتي الغر المحجلون، فمن استطاع أن يطيل غرته; فليفعل .

                                                                                                                                                                                                                                      قال المبرد : إذا كان الثاني من الأول; فما بعد (إلى) داخل فيما قبلها; نحو قوله: (إلى المرافق) ، فـ (المرافق) داخلة في الغسل، لأنها من اليدين، وإذا كان ما بعد (إلى) ليس من الأول; فليس بداخل فيه; نحو: ثم أتموا الصيام إلى الليل ، فـ (الليل) ليس من النهار.

                                                                                                                                                                                                                                      ويبدأ المتوضئ بيمينه استحبابا لا إيجابا، وهو مذهب أهل المدينة، وأهل العراق، وأكثر العلماء، وروي عن علي ، وابن مسعود أنهما قالا: لا تبال بأي يد بدأت.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله وامسحوا برءوسكم اختلف العلماء في مسح الرأس; فقال مالك، وابن حنبل، وغيرهما: يمسح كله.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 413 ] وروى محمد بن مسلمة عن مالك : أنه إن ترك ثلث رأسه; أجزأه.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن سلمة بن الأكوع: أنه كان يمسح مقدم رأسه، وأجازه الأوزاعي ، واستحب العموم.

                                                                                                                                                                                                                                      الثوري: يجزئه أن يمسح بإصبع، وقاله الشافعي، وقال : يجزئه وإن مسح ببعض إصبع.

                                                                                                                                                                                                                                      الثوري: إن لم تصب المرأة في مسح رأسها إلا شعرة واحدة; أجزأها.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو حنيفة : لا يجزئه أن يمسح أقل من ثلث رأسه.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجزئ المسح مرة في قول مالك ، والشافعي، وابن حنبل، وغيرهم، واستحب الشافعي ثلاثا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو حنيفة، وأصحابه : يمسح برأسه وأذنيه مرة، وعن ابن سيرين:

                                                                                                                                                                                                                                      أنه مسح رأسه مسحتين، وعن أنس بن مالك أنه قال: يمسح ثلاثا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية