جماع أبواب صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم
أفرد الحافظ أبو الخطاب ابن دحية كتابا سماه : «الآيات البينات فيما في أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعجزات» وسأذكر خلاصته في المعجزات مع زوائد كثيرة ، والمقصود منه هنا بيان صفة جسده الشريف صلى الله عليه وسلم فقط وقد أذكر شيئا من الآيات لزيادة الفائدة .
[ ص: 4 ] [ ص: 5 ] الباب الأول في حسنه صلى الله عليه وسلم
أعلم - رحمني الله وإياك - أن الله سبحانه وتعالى أنشأ النفوس مختلفة ، فمنها الغاية في جودة الجوهر ، ومنها المتوسط ، ومنها الكدر . وفي كل مرتبة درجات . فالأنبياء صلى الله عليهم وسلم هم الغاية ، خلقت أبدانهم سليمة من العيب فصلحت لحلول النفس الكاملة ، ثم يتفاوتون . فكان نبينا صلى الله عليه وسلم أصلح الأنبياء مزاجا وأكملهم بدنا وأصفاهم روحا ، وبمعرفة ما نذكره من صفاته صلى الله عليه وسلم وأخلاقه يتبين ذلك إن شاء الله تعالى .
روى الشيخان عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما قال : لم أر شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم . البراء بفتحتين مخففا .
وقال رجل من الصحابة رضي الله تعالى عنهم : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو رجل حسن الجسم .
وقالت أم معبد رضي الله تعالى عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمل الناس [وأبهاه] من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب .
رواهما البيهقي .
وقال جابر بن سمرة - بسين مهملة مفتوحة فميم مضمومة فراء- رضي الله تعالى عنه :
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان وعليه حلة حمراء فجعلت أنظر إليه والقمر فلهو أحسن في عيني من القمر .
رواه الترمذي والنسائي .
وقال البراء رضي الله تعالى عنه : ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه مسلم وأبو داود .
وقال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس صفة وأجملها .
رواه أبو الحسن بن الضحاك .
وقال طارق بن عبيد رضي الله تعالى عنه : أقبلنا ومعنا ظعينة حتى نزلنا قريبا من [ ص: 6 ] المدينة ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت الظعينة : ما رأيت وجها أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه صلى الله عليه وسلم .
رواه إبراهيم الحربي في غريبه وأبو الحسن بن الضحاك في الشمائل وابن عساكر .
وقال أبو إسحاق الهمداني - وهو بفتح الهاء وسكون الميم ودال مهملة- لامرأة حجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : شبهيه لي : قالت : كالقمر ليلة البدر ولم أر قبله ولا بعده مثله .
رواه يعقوب بن سفيان .
وقال أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر للربيع بنت معوذ رضي الله تعالى عنها :
صفي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : يا بني لو رأيته لقلت الشمس طالعة .
رواه الدارمي ويعقوب .
قال الطيبي رحمه الله تعالى : قولها : «لقلت الشمس طالعة» أي لرأيت شمسا طالعة ، جردت من نفسه الشريفة شمسا وهي هي ، نحو قولك : لئن لقيته لتلقين أسدا ، وإذا نظرت إليه لم تر إلا أسدا .
وقال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه : ما رأيت شيئا قط أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري . وفي لفظ : تخرج من وجهه .
رواه الإمام أحمد والترمذي وابن حبان وبقي بن مخلد . وسنده على شرط صحيح مسلم .
قال الطيبي : شبه جريان الشمس في فلكها بجريان الحسن في وجهه صلى الله عليه وسلم . ومنه قول الشاعر : [ ص: 7 ]
يزيدك وجهه حسنا إذا ما زدته نظرا
وفيه أيضا عكس التشبيه للمبالغة . ويجوز أن يقدر الخبر الاستقرار ، فيكون من باب تناسي التشبيه ، فجعل وجهه صلى الله عليه وسلم مقرا ومكانا لها . ويحتمل أن يكون فيه تناهي التشبيه جعل وجهه مقرا ومكانا للتشبيه .ولله در القائل :
لم لا يضيء بك الوجود وليله فيه صباح من جمالك مسفر
فبشمس حسنك كل يوم مشرق وببدر وجهك كل ليل مقمر
رواه ابن الجوزي .
وقالت أم معبد رضي الله تعالى عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيما قسيما .
رواه الحارث بن أبي أسامة .
وقال أنس رضي الله تعالى عنه : كل شيء حسن قد رأيت ، فما رأيت شيئا قط أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه ابن عساكر .
وقال أبو قرصافة- بكسر القاف وسكون الراء بعدها مهملة وفاء- واسمه جندرة- بفتح أوله ثم نون ساكنة ثم مهملة مفتوحة- ابن خيشنة بمعجمة ثم تحتانية ثم معجمة ثم نون رضي الله تعالى عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن الوجه ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفارع الجسم .
رواه ابن عساكر .


